في قرار يعتبر مفاجأة سياسية، قام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس بإنهاء مهام عبد العزيز بلخادم وإبعاده من رئاسة الجمهورية التي كان يشغل منصب مستشار فيها، وكذا من هياكل حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان سابقا يشغل منصب أمينه العام، والذي راجت أحاديث من قبل عن صراع مفترض بينه وبين رئيسه الحالي عمار سعداني. رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أنهى أمس الثلاثاء مهام عبد العزيز بلخادم، حسب ما علم من مصدر برئاسة الجمهورية، والذي أفاد بأن (رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أصدر أمس مرسوما يقضي بإنهاء مهام عبد العزيز بلخادم بصفته وزيرا للدولة مستشارا خاصّا برئاسة الجمهورية، وكذا جميع نشاطاته ذات الصلة مع كافّة هياكل الدولة). وأضاف المصدر ذاته أن (اتّصالات تمّت مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني قصد اتّخاذ الإجراءات اللاّزمة لإنهاء مهام عبد العزيز بلخادم ضمن الحزب ومنع مشاركته في نشاطات كلّ هياكله). ومعلوم أن عبد العزيز بلخادم الرجل السياسي البارز من مواليد 8 نوفمبر 1945 بآفلو (الأغواط)، وقد ترعرع في مدينة السوفر بتيارت، هو رئيس الحكومة الجزائرية السابق، وذلك منذ 24 ماي 2006 إلى غاية 23 جوان 2008. وقد شغل بلخادم الحاصل على شهادة دراسات عليا منصب مفتش المالية لمدّة ثلاث سنوات (1964-1967) قبل أن يخوض مشوارا مهنيا كأستاذ بين 68-71، والتحق برئاسة الجمهورية ليشغل بين 1972 و1977 منصب نائب مدير العلاقات الدولية. ثمّ شغل بلخادم من سنة 1988 إلى سنة 1990 منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، وعقب استقالة رابح بيطاط من رئاسة المجلس الشعبي الوطني تمّ تعيينه على رأس هذه الهيئة إلى غاية حلّها سنة 1992، كما كان عضوا في المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني من 1991 إلى 1997، وعند انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجمهورية سنة 1999 تمّ تعيينه وزير دولة وزير الشؤون الخارجية في جويلية 2000، وبعد أن جدّدت عهدته لعدّة مرّات في ذات المنصب (31 ماي 2001 17 جوان 2002 9 ماي 2003 و26 أفريل 2004) عيّن في الفاتح ماي 2005 وزيرا للدولة ممثّلا شخصيا لرئيس الجمهورية. انتخب بلخادم الذي تولّى مهام منسّق للهيئة الانتقالية للتنسيق لحزب جبهة التحرير الوطني في 2 فيفري 2005 أمينا عامّا للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني في أعقاب أشغال المؤتمر الثامن الجامع لذات الحزب، كما كان يشغل منصب الممثّل الشخصي لرئيس الجمهورية ليعود في 2005 الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، وكذا في 24 ماي 2006 رئيس الحكومة الجزائرية، وبعدها وزير الدولة ممثّل شخصي لرئيس الجمهورية. وقد أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرارا بتعيين عبد العزيز بلخادم في منصب وزير دولة مستشار في رئاسة الجمهورية منذ مدّة ليست بالطويلة ليعود اليوم وينهي مهامه، وجاء تعيين بلخادم في منصب قريب من الرئيس آنذاك كمؤشّر على رضاه على كفاءته، حيث عوّل عليه لتولّي مناصب عليا في هرم السلطة، كما أكّد تعيينه في رئاسة الجمهورية رسالة بوتفليقة السياسية للرأي العام بتحالفه مع الوعاء الوطني الذي يمثّل قطاعا عريضا من الجزائريين حينها. وقد ذكرت بعض القراءات حينئذ أن الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم هو أقرب رجالات الرئيس إلى محيطه وتيّاره السياسي وأفكاره، بحيث أنه ينتمي لنفس المدرسة السياسية التي جاء منها بوتفليقة، وتعيينه في منصب وزير دولة مستشار برئاسة الجمهورية له دلالات سياسية على أن المرحلة التي جاءت بعد الرئاسيات لن تخرج من نفس المنهج السياسي الذي سلكه بوتفليقة في التعاطي مع القضايا الوطنية والرهانات الدولية، وهو نهج التيّار الوطني الذي كان له بصماته خلال الفترة السابقة بشكل واضح على كافّة مناحي الحياة وترجمته القرارات السياسية التي صدرت بعد الرئاسيات، لكن من الواضح أن هناك معطيات معيّنة بيد الرئيس بوتفليقة جعلته يتّخذ هذا القرار الذي ذكرت بعض المصادر أنه تمّ اتّخاذه أو على الأقل الإعلان عن اتّخاذه خلال اجتماع مجلس الوزراء برئاسة بوتفليقة أمس.