بقلم: عبد القادر حمداوي لا يزال البعض ذات الاتجاه المعاكس يسعون للنيل من تاريخ الثورة بوضعه في طروحته أو مناسبات تفيده لأن يكون لموضع قدم في التاريخ الجزائري، لأن هؤلاء لا يدركون أن الأمم التي تحترم ولا تقدر التاريخ، بل توضع دائما وتركز على الجوانب السلبية فقط في هذا التاريخ، لأن الأمة الجزائرية قد مرت بمراحل مختلفة فيها انتكاسات وهزائم في الماضي والتاريخ يتذكر تلك الأيام التي مرت بها ومراحل التخلف والجوع والعري والأمية. ألا يتذكر أولئك المطبلون في كل مناسبة ألا يتساءلون من كان ينصب مشانق التعذيب والقتل ومن حرّق العباد وحرّم المواطن من التعرف على أفكار الأبطال النيرة، هل كانت محاكم التفتيش مشروعة عندهم، هل يحق لهم إبادة المواطن الذي يساند ثورته، كانت حروبا مدمرة، ألم يحدث كل هذا في الجزائر، ألم تكن الحركة الوطنية بفكرها المتقدم على الذين لا يريدون إلا المساومة، ألم يكن هذا الفكر وراء التحرر. إن النهاية من التخلف والتبعية لا بد أن تنتهي فقد عانى الشعب الجزائري من التسلط والقهر. تم العمل على ترسيخ مفاهيم الاحترام المتبادل لأن القوى الاجتماعية استطاعت أن تعيد التاريخ إلى مكانته، ولعل تجارب الشعوب المختلفة سواء في الحضارة القديمة أو الحديثة تؤكد على أن النخب وهي مجموعة ضئيلة العدد تمتلك الثروة والنفوذ ولها مصالح ذاتية تتعارض في أغلب الأحيان مع مصالح عامة للمواطن هي التي تتحكم بهذه القوة وبالتالي تتحكم في مصير الشعب، ولا بد أن تعمل هذه الفئة على تحقيق الحياة الكريمة لعامة الناس ولتكون القيادة الحكيمة متلاحمة مع القاعدة. هذا منهج التاريخ برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة غير صحية، حيث بدأ البعض يرفع لافتة يدعون لاتجاهات بجميع أطيافه، وتمكن وراء هذه الظاهرة روح الانهزامية ترفع وتحرض الآخرين على رفع اللافتات، بقي أن يتأكد الجميع أن الوسطية هي تبقى لأنها تمسك العصا من الوسط، ولهذا فلديها مجالا واسعا للمناورة والتاريخ هو في الأساس قصة طويلة من الأخذ والعطاء، فالمنطق لا يخلف حديث المتحذلقين الجدد فمهما بلغ حجمهم خلف عجرفتهم فذلك لا يغير من منطق التاريخ وسيرورته، فإن التطرف في نهاية المطاف وسيلة خاسرة وحقائق التاريخ تؤكد على أن النهج الصحيح هو الذي يبقى ويحصل على فرصة بعض أجندته موضع التنفيذ. فاحترام التاريخ هو احترام الأمة قبل كل شيء فعلى ولئك الكتاب من مختلف الاتجاهات أن يراعوا الموضوعية في طروحاتهم بعيدا عن المصالح الذاتية. التاريخ الوطني لم يأخذ حظه، فالحملة ضده بدأت من زمان بعيد من قبل المتحذلقين، لا ينكر أحد خلاله الإنجازات الحقيقية التي تمت في المرحلة القصيرة. ولكن ما لم نعرف إلى من يرجعون الانتكاسات التي حدثت في فترات أخرى من التاريخ ولقد عمل البعض على إجهاض المشاريع التي هي أفضل مما كانت عليه. على الباحثين أن يعيدوا دراسة التاريخ بموضوعية وإنصاف، وعلينا أن نتذكر بأن التاريخ هو ذاكرة الأمة وكم يضع من فراغ فإن ما قدمته الجزائر من إنجازات، لا تقتصر عليها خير شاهد على ذلك والذي يريد التطاول عليه فإنه لا محالة يصيبه العقم. فمحاربة التعصب والعنف بإقامة حوار أو بحل الإشكالية التي تحدث في المجتمع والتي امتدت إلى كافة المؤسسات وباتت وشيكة تأزم الواقع المعاش، وليست هذه الإشكالية هي التي تبني مستقبل الشعب الجزائري إذا كان الحوار فعالا ومن خلاله ربما تعاد الثقة بل الأمل في جعل وضع بلا صراع وبلا تعصب مما يؤدي إلى المحافظة على المؤسسات وعلى حياة المواطن. ليتماسك المجتمع الجزائري، كما أن المساجد لها دورها في ترقية وتكوين ومحاربة الآفات الاجتماعية. كما ينبغي العناية بالكفاءات ودعم الكتاب الجيد الذي يخدم المواطن ويعزز الوطن. لماذا ندرس تاريخ أوربا ولغتهم؟ أو ليس الأولى أن نطالبهم بما يطالبوننا به، هناك آلاف الكتب والبحوث منذ اندلاع الحركة الوطنية وهي تكشف وتظهر من حين إلى آخر وتبين كل ما هو ضروري في الجزائر، ومن خلال قراءة بيان أول نوفمبر 1954 أليس تاريخ الجزائر هو تاريخ العظماء أمثال: بن مهيدي، بن بولعيد، وبوضياف، وبوقرة، وعميروش، والحواس، ولطفي وغيرهم. فالاحتفال بالذكرى 60 لهذه السنة، فهو يعتبر بمثابة تعريف التاريخ للأجيال الصاعدة، وتلقينهم ثقافة حماية التاريخ ومعرفته حتى لا ننسى تضحيات الشعب الجزائري.