بابتسامة عريضة ووجه بشوش استقبلنا السيد مراكشي محمد في بيته رفقة زوجته وأولاده، فهو من مواليد 14 فيفري 1968م ببلدية بئرخادم بالجزائر العاصمة، متزوج وأب لأربعة أبناء، مختص في الأعمال البحرية أي القيام بتصليح البواخر التي تصاب بعطب وهي في عرض البحر، كما أنه مختص في بناء الموانئ من خلال حفر الأساس بقاع البحر، أحب مهنته حد النخاع وقد كانت بدايته كهاوٍ وهو في سن مبكرة لم يتجاوز آنذاك سن 14 عاما، فقد كان يعشق الصيد البحري كثيرا لدرجة أنه يقضي ليالي فصل الصيف كله على الشاطئ، وبما أنه لم ينجح في دراسته جعل هوايته مهنة يجني منها مالا، ما جعله يلتحق بأحد مراكز التكوين المهني ويتربص في التخصص الذي اختاره حتى ينمي مواهبه ويطور قدراته، وبما أن الغطاسين قليلون في تلك الفترة كان مطلوبا للعمل في عدة ولايات ساحلية على غرار جيجل، تيبازة وهران، وغيرها من الولايات الساحلية. إلا أن والده لم يحبذ الفكرة كثيرا ما جعله يعاقب محمد باستمرار لأنه فضل البحر على مقاعد الدراسة، وأول مشروع اشتغل فيه محمد كان بمنطقة أزفون بولاية تيزي وزو والمتمثل في غرس صناديق خاصة بتربية الأسماك في قاع البحر، والذي جنى منه مالا جعله يشري كبش العيد لوالديه وشيئا فشيئا بدأ يفكر في مشروع إنشاء مؤسسة صغيرة مختصة في الأعمال البحرية، وبما أنه لم يكن يملك المال الكافي لتحقيق مشروعه ما دفعه للعزوف عن الفكرة، إلا أنه كان جالسا في أحد الأيام مع جماعة من الأصدقاء يتبادلون أطراف الحديث وإذا بأحدهم يقترح على محمد أن يتقدم بطلب قرض حسن يتمكن من خلاله إنشاء مؤسسته التي لطالما كان يرغب بها. ليتجه محمد في اليوم الموالي إلى مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر ليتقدم بملف طلب قرض حسن أين تم توجيهه إلى إمام مسجد الحي الذي يقيم به بزرالدة أين أودع ملفه سنة 2005، وبعد حوالي سنة من تاريخ الإيداع أجريت القرعة بأحد مساجد زرالدة وكان محمد واحدا من الفائزين بالقرعة وتم فيما بعد استدعاؤه من طرف مسؤلي صندوق الزكاة لولاية الجزائر وسلموه وثائق قبوله التي استطاع من خلالها تسلم صك قيمته 25 مليون دج، والتي استغلها في شراء قارورات الغاز التي يستعملونها أثناء القيام بعملية الغوص وكذا شراء البدلات الخاصة بالغوص، أما عن محل الذي استعمله محمد كمكتب لمؤسسته فقد قام بكرائه عند أحد جيرانه بالحي، لكن طموح محمد لم يتوقف هنا فقد قام بإنشاء نادٍ خاص للغوص يمارس فيه الأطفال هذه الهواية، وينالون بعدها الشهادة بعد أن يغطس أربعة عشرة مرة.
* امتيازات خاصة بالإضافة إلى هذا فإن محمد يقوم عند نهاية كل سنة دراسية بتخصيص يوم من أجل تكريم الأطفال المتفوقين في الدراسة بزرالدة بتخصيص يوم كامل لهم حتى يغطس في البحر، بالإضافة إلى هذا يقوم بتصوير كل تلك المشاهد الممتعة ثم يمنح لكل طفل قرصا خاصا به حتى يبقى يحتفظ به كذكرى، فهذه العملية التي يقوم بها محمد نهاية كل سنة دراسية تحفز الأطفال على التفوق في الدراسة، كما أنه شارك في المعرض الذي نظمته مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر لفائدة المستفيدين من القرض بدار الإمام بالمحمدية سنة 2008، وقد أعجب وزير الشؤون الدينية والأوقاف حينها بالنشاط الذي يمارسه السيد محمد مراكشي. أما عن عدد الموظفين الذين يشغلهم محمد فهو غير محدود ويتحكم فيه المشروع لأن هناك مشاريع تتطلب أربعة أشخاص أو أكثر أحيانا وأقل مرات أخرى، أما عن أجر هؤلاء العمال يحدد حسب نوع العمل فإذا دامت الورشة ليومين أو ثلاثة يتقاضى العمال 10آلاف دج لليوم الواحد، في حين إذا تطلب المشروع شهرا كاملا يتقاضى العمال 3000دج لليوم. ولكن رغم كل النجاح الذي حققه السيد محمد مراكشي إلا أنه لم يمكن من إرجاع القرض الذي تحصل عليه سنة 2005 من صندوق الزكاة، وذلك لأنه يعاني من بعض المشاكل كغيره من المستفيدين من القروض فهو يشتكي من نقص المشاريع التي من شانها أن تدر عليه الأرباح، فهو منذ أن قدمت له الجزائرية للمياه مشروعا بتاريخ جانفي 2011 والذي قام من خلاله بالمشاركة في مشروع تحلية مياه البحر لبلدية زرالدة حيث قام بغرس الأنابيب التي تقوم بتمرير مياه البحر إلى المصفاة في قاع البحر، ومن تاريخها لم يحصل السيد مراكشي على أي مشروع وبقي بطالا إلى يومنا هذا.