بقلم: محمد قروش خطير هو التقرير الاستخباراتي الأمريكي المسرّب في موقع دبليو.أن.دي المتخصّص في نشر الملفات الأمنية والعسكرية بما يحمله من اتّهامات واضحة للولايات المتّحدة ومخابراتها وسفرائها المتورّطين بشكل مباشر في تمويل كثير من الجماعات التي تصفها أمريكا ب الإرهابية والمصنّفة عندها بالانتماء إلى القاعدة وتزويدها بالأسلحة الثقيلة والصواريخ والمُعدّات الحربية. التقرير الفاضح يبيّن كيف أن أمريكا سلّمت شحنات من الأسلحة لمليشيات ليبية لها ارتباط مباشر بتنظيم ما يسمّى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عن طريق المدعو عبد الحكيم بلحاج، زعيم حزب الوطن الليبي، وكذا مختار بلمختار، أمير ما يعرف ب كتيبة الموقّعين بالدم وإدخالها إلى ليبيا عبر قطر وتركيا لاستخدامها فيما بعد في الاعتداء الإرهابي على المجمّع النفطي الجزائري بتنفنتورين. ويشير التقرير إلى أن السفير الأمريكي في ليبيا ستيفنز قام بتنسيق عمليات نقل كمّيات كبيرة من هذه الأسلحة إلى سوريا بعد الإطاحة بنظام القذافي من أجل تسليح المعارضة هناك، حيث وقعت هذه الأسلحة بين يدي تنظيم ما يعرف ب داعش . وهكذا يتبيّن كيف أن أمريكا التي تقيم الدنيا وتقعدها من أجل ما تدّعيه محاربة الإرهاب وتنصّب نفسها وصيا عالميا على ذلك هي أول مموّل وداعم له عندما يتعلّق الأمر باستخدامه لخدمة مصالحها الاستراتيجية، خاصّة في العالم العربي والإسلامي، بل إن محور سياساتها الأمنية والعسكرية الحديثة أصبحت كلّها قائمة على مصطلح محاربة الإرهاب وهي لا تتوانى في استعمال ذلك، سواء عن طريق التدخّلات العسكرية المباشرة أو من خلال مساندة تنظيمات وميليشيات داخلية تقوم بتنفيذ استراتيجيتها على أرض الواقع. ليس ما حدث ويحدث في العراق والصومال وأفغانستان والسودان وليبيا وسوريا وغيرها من بؤر التوتّر في العالم بعيدا عن أيادي أمريكا، ويبقى دعمها للكيان الصهيوني الإرهابي ورعايتها له ومدّه بالسلاح والقرارات -رغم ما يقوم به من تقتيل وتدمير- هو أكبر مثال واضح على دعم الإرهاب وتمويله. ولعلّ العجيب فوق كلّ ذلك هو أن أمريكا تعطي لنفسها الحقّ في تصنيف الأشخاص والمنظمات وحتى الدول الإرهابية وتقوم سنويا بوضع قوائم للإرهابيين والمطلوبين عالميا حينما تتعارض الأمور مع استراتيجيتها المرسومة ومصالحها الشخصية، وبذلك تطبّق مبدأ قتل القتيل والمشي في جنازته ودعم الإرهاب والتباكي عليه وفق مبدأ نحن لا نسأل عمّا نفعل وهم يسألون ولا معقّب لأحكامها وقراراتها. وقد لخّص هذا الكلام سيناتور أمريكي حين قال: لقد اختار اللّه الشعب الأمريكي كشعب مختار من أجل قيادة العالم أخيرا لتجديد ذاته ، يحدث ذلك تارة تحت شعار حماية حقوق الإنسان وتارة تحت أكذوبة حماية الديمقراطية وأخرى لحماية الأمن العالمي، لكن ومهما تعدّدت المبرّرات والأسماء فإن الإرهاب يظلّ إرهابا.