تخصص وزارة التجارة على مدار السنة برنامجا خاصا لمراقبة الأسواق، عبر تجنيد العديد من أعوان الرقابة التجارية ضمن برنامج محدد وذلك قصد مراقبة الباعة والتجار من حيث احترامهم للمعايير المنصوص عليها في مزاولتهم لأنشطتهم التجارية، غير أن الوافد على الأسواق الجزائرية يُصدم بالفوضى التي تشهدها هذه الأسواق، وهذا ما وقفنا عليه في السوق الشعبي (أحمد بوزرينة) الواقع بالقصبة السفلى وسط العاصمة، والذي يعاني أوضاعا كارثية فيما يخص احترام معايير السلامة الغذائية وسلامة المستهلك، والذي تحوّل مع الوقت إلى مصدر للخطر لزبائنه. مليكة حراث حالة لا توصف تجلت لنا خلال تنقلنا للسوق الشعبي أحمد بوزرينة أو كما هو معروف لدى ناس القصبة والأحياء المحاورة ب (مارشي د لالير)، حيث لفت انتباهنا الوضع المتدهور الذي يعرفه السوق خاصة في عدم احترام معايير ممارسة الأنشطة التجارية المنصوص عليها قانونا، وكذا الحالة الكارثية التي يعرفعها السوق، بالنظر إلى عدم استفادته من التعبئة فالنظافة هي عامل منقرض في هذا السوق ! إضافة إلى كل ما سبق فإن بعض التجار استغلوا غياب الرقابة ليمارسوا هوايتهم المفضلة في الغش والتدليس على الزبائن، فأعوان الرقابة التجارية ورغم أنهم يقومون بدوراتهم الرقابية إلا أنه وحسب بعد التجار فإن هؤلاء الأعوان غير متمكنين (أو خبراء) في المجال الذي يعملون فيه، حيث أكد لنا بعض الباعة أن بعض أعوان الرقابة لا يعرف لحم الخروف من لحم البقر أو حتى اللحم الطازج من اللحم المجمد، وهذا ما أدى إلى تردي الأوضاع في سوق أحمد بوزرينة، أين كشف لنا أحد التجار أن بعض باعة الدواجن واللحوم يقومون بخروقات خطيرة جدا مخالفة تماما لمعايير الصحة الغذائية، فبعضهم يقوم برش اللحوم بمواد حفظ الجثث لكي يخفي الرائحة الكريهة التي تنبعث من اللحوم التي بدأت تظهر عليها أعراض التلف، كما أن بعضهم يقوم بشراء لحوم مجمدة مستوردة من الخارج بثمنها المنخفض ويخرجها من أكياسها المخصصة لها ليعيد بيعها بأسعار اللحوم الطازجة، فبجانب الفارق الكبير في السعر بين اللحم الطازج والمجمد، فإن إخراج هذه اللحوم من أكياسها الحافظة يشكل خطرا على صحة المستهلك، فتلك الأكياس مخصصة أصلا لحفظ تلك اللحوم من التلف، حيث أنها مملوءة بالمواد الحافظة التي تبقيها صالحة للاستهلاك، كما أن بعض باعة الدواجن يبيعون الدجاج بأعضائه وأحشائه الداخلية ولا يكلفون أنفسهم عناء تنظيفه وإعداده للبيع بالصورة المطلوبة رغم أن هذا يعتبر خرقاً واضحاً لقوانين ومعايير الاستهلاك الصحي، كل هذا وسط غياب العمل الفعال والمهني لأعوان الرقابة، فبعضهم حديث التوظيف وليست لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع مختلف طرق التحايل الحديثة التي ابتكرها التجار، حيث أن افتقارهم للخبرة يجعلهم يركزون فقط على القيام بملاحظة شكلية كمراقبة لوائح الأسعار ودرجة حرارة اللحوم مثلا بينما يغيب عنهم بعض الأمور المهمة. واللوم حسب الزبائن الذين التقيناهم لا يقع فقط على أعوان الرقابة الذين لم يعد في قدرتهم التصدي لهؤلاء المافيا، فالمشكل هو في الطرف الآخر الذي رسم الغش والتلاعب بالأرواح عنوانا يوميا لتجارته المشبوهة، مستغلا الحالة المادية للمواطنين الذين يسترون عليهم مدفوعين غير مخيرين.. وبين غياب تدخل السلطات المعنية وانعدام الرقابة التجارية الحقيقية والفعالة، تبقى سلامة المواطن الجزائري رهينة لتحايلات بعض التجار وتقاعس أعوان الرقابة عن أداء مهامهم بشكل فعلي لمواجهة مثل هذه الظواهر التي تهدد صحة المواطن بشكل مباشر، كما أن تعبئة الأسواق المعطاة تبقى أولوية و بالنظر إلى الحالة الكارثية التي تغرق فيها معظم الأسواق في العاصمة والتي غابت عنها الرقابة منذ زمن طويل.