بقلم: محمد قروش ربط حرّية الإعلام والصحافة بموضوع الإشهار وتمويل المؤسسات الإعلامية فقط هو ربط فيه كثير من المساس بمهنة الصحافة كمهنة نبيلة قبل أن تكون سلعة أو تجارة في نفس مستوى المؤسسات التجارية الأخرى التي تجري وراء البيع ورفع رأس المال والتربّح من وراء عملها ووظيفتها. صحيح أن المؤسسات الإعلامية الحديثة بعدد مستخدميها وآلياتها ووسائلها تحوّلت إلى صناعة كبرى في مختلف بقع العالم تحتاج إلى كثير من المال، غير أن حصر مستوى الحرّية بوسائل التمويل والإشهار الذي تحتكره بعض المؤسسات الخاصّة والعامّة هو في حدّ ذاته إنقاص من قيمة هذه الصحافة ومساس برسالتها وحرّيتها المنشودة. إن تناسي أن مهنة الصحافة هي قبل كلّ شيء مهنة نبيلة تقوم على نقل الأخبار والمعلومات للمتلقّين بصدق وموضوعية وكشف الحقائق وتزويد المواطن بكلّ المعطيات والمساهمة في التنمية الاجتماعية والثقافية والحضارية للإنسان والوطن وحصر وظيفة بعض الصحف في العملية التجارية المتمثّلة في تحصيل الإشهار والأموال يعدّ تجنّيا على مهنة الصحافة والإعلام وتحويلها إلى مصادر للاسترزاق أكثر من آداء الرسالة المنوطة بها. إن الصحافة الجزائرية وبغض النظر عن كثير من المشاكل التي عانت منها استطاعت أن تؤدي رسالة كبيرة من خلال أدوارها في إعلام وتثقيف وترفيه المجتمع الجزائري، كما استطاعت أن تساهم بشكل كبير في الكشف عن كثير من مشاكل المواطن ومطالبه وفضح اختلالات التسيير والتلاعبات، خاصّة في المناطق المحلّية والنائية، وهو ما أدّى إلى مساهمتها بطريقة واضحة في دفع عجلة التنمية في كثير من المناطق، إضافة إلى دورها في الكشف عن ملفات خطيرة ومؤامرات جهنّمية تتربّص بالبلاد، وكذا دورها الكبير في توسيع هامش الحرّيات ورفع سقف الرفاهية لدى المجتمع. وهي أدوار يمكن للصحافة الجزائرية أن تفتخر بها في عيد الصحافة العالمية بعيدا عن تقزيم دورها في الجري وراء الإشهار أو تحويلها إلى أحزاب تقوم بالدفاع عن أطراف دون أخرى أو جعلها منابر لتصفية حسابات شخصية ضيّقة، وهو ما يقتل روح مهنة الصحافة ورسالتها.