يصطدم الأولياء مع بداية العام الدراسي مع كابوس الأدوات المدرسية كشرط أساسي لدراسة أبنائهم واجتيازهم العام الدراسي الذي يُحتمل أن يثمر بالنجاح في المدرسة فتلتقي العائلة الفقيرة والعائلة المتوسطة وحتى الميسورة في نقطة مشتركة ألا وهي اقتناء المستلزمات المدرسية للأبناء فالعائلات الفقيرة تستنجد بفاعلي الخير والمحسنين لإعانتها في ملء المحفظة المدرسية للأبناء ولا عيب في ذلك فطلب العلم فريضة حثنا عليها ديننا الحنيف أما الأسر المتوسطة فتخصص ميزانية لجلب تلك المستلزمات قبل أشهر من الدخول لضمان عدم تدهور حال الأسرة تزامنا مع الدخول المدرسي الذي سيقترن في هذه السنة مع مناسبة تستنزف هي الأخرى ميزانية ضخمة وهي مناسبة عيد الأضحى المبارك. أما الأسر الميسورة فتقفز من هذه الورطة بل وتقدم على اقتناء أفخم الأدوات للأبناء وتراعي فيها كل الشروط والمقاييس فصحّة الأبناء وراحتهم هي قبل كل شيء مادام أن الظروف مواتية لذلك. لكن ورغم اختلاف الطبقات تسعى كل العائلات إلى ضمان توفير الأدوات المدرسية ويكون أملها كبيرا في تحقيق النجاح للأبناء بحيث تُملأ المحافظ بالأدوات الجديدة من كراريس وأقلام ومستلزمات أخرى ويذهب بها التلاميذ في مختلف الأطوار وهم كلهم في غبطة وبهجة مع بداية الموسم الدراسي وحنينهم إلى الفصول المدرسية لكن سرعان ما تتحوّل تلك الغبطة إلى مشاكل تنبع من رحم المدرسة الجزائرية في كل سنة ويمليها الواقع المر الذي تتخبط فيه فمن العنف إلى التسرب الى الإضرابات المتتالية وإلى ...وإلى ... وتكون الأسرة التي سعت جاهدة إلى توفير تكاليف الدراسة بكل ما أوتيت من قوة الضحية الأولى ليليها التلميذ بعد ذلك. تلك الأسرة التي كما يقال (نحّاتها من العظم) وعملت كل ما في وسعها من أجل توفير المستلزمات المدرسية وركضت هنا وهناك لأجل ذلك تتفاجأ وابنها يضيع أمام أعينها بسبب مشكل التسرب المدرسي كآفة تعاني منها المدرسة الجزائرية من دون أن ننسى أشكال الانحراف التي باتت طاغية في المدرسة الجزائرية وزارتها حتى المخدرات مما أبعد عنها مسعى وغاية طلب العلم لاسيما في الأطوار الأولى من التعليم. ونتذكّر دوما جملة لأم تحضّر لدخول أبنائها الثلاثة إلى المدرسة إذ قالت (على الرغم من محدودية الدخل نسعى إلى توفير كل المتطلبات المدرسية للأبناء من بداية الدخول المدرسي إلى نهايته فالطلبات لا تتوقف خلال العام الدراسي فمن الكراريس إلى الأقلام ومتطلبات أخرى لا تكون في الحسبان بحيث تفرض بعض المدارس تهيئة القسم من طرف التلاميذ بالستائر والأغلفة البلاستيكية التي توضع على الطاولات كتكاليف إضافية تُفرض على الأسرة لكن رغم ذلك نتحمل الوضع ونسير طواعية مع كل تلك الظروف أو كما قالت السيدة (نحّوها من العظم يقراو برك وما يضيعوناش في الشوارع). فهل تضمن حقيقة المنظومة التربوية في الجزائر تلك الغاية في ظل التقلبات المستمرة فمن الإضرابات إلى الاقتراحات المجنونة التي تتلخص في التدريس بالعامية مما يهدد بانهيار المدرسة الجزائرية ووصولها إلى الحضيض أكثر مما هي عليه إذ نلاحظ التدهور الذي يعاني منه التلاميذ في اللغة العربية بحيث كان من الأجدر تخصيص ساعات إضافية للتدريس وتعلّم اللغة العربية وليس اقتراح التدريس باللغة العامية في الطور الأول الابتدائي تحت وعاء تسهيل تلقين الدروس للأطفال الصغار خاصة وأن اللغة العربية هي لغة القرآن وتسهُل على أبنائنا أن هي لُقّنت لهم بكل أمانة من طرف أساتذة أكفاء يحافظون على أداء رسالة العلم. وبالتالي السؤال المطروح هو: هل ستؤدي المدرسة الجزائرية وظيفتها في هذه السنة كما يتمنّاه الأولياء ليُكلّل مشوار أبنائهم بالنجاح بعد أداء دورهم بالكامل في تهيئة الابن للعام الدراسي من كل الجوانب المادية والمعنوية أم ستبصم حضورها بإعلان الغياب والانفلات من بعض المسؤوليات كما عهدناه في السابق؟ الإجابة ستكون للأيام والله يستر.