الحوار بين العمّال والوزارة وصل إلى طريق مسدود *** بعدما وصل الحوار بين عمّال مصانع إنتاج الحليب ووزارة التجارة إلى طريق مسدود من المرتقب أن تشهد الأيّام القليلة المقبلة عودة مسلسل ندرة الحليب ومعها الطوابير الطويلة للمواطنين على أبواب المحلاّت خصوصا وأن هذه المادة الحيوية لا يُستغنى عنها في موائد الجزائريين. هدّد عمّال مصنع إنتاج الحليب ومشتقّاته في الجزائر بالدخول في احتجاجات بدءا من اليوم ملوّحين بإضراب مفتوح في حال لم تستجب وزارة التجارة لمطالبهم. وطالبت نقابة العمّال وزارة التجارة بالنّظر في عدّة قضايا ومطالبهم المرتبطة أساسا برفع هامش الرّبح عن توزيع الحليب حيث ظلّ الهامش الرّبحي لهذه المادة الأساسية يراوح مكانه منذ 15 سنة ويقدّر بحدود 0.75 سنتيم وهو ما لا يراه العمّال مناسبا مع الضرائب على الفائدة في توزيع هذه المادة الأساسية وواسعة الاستهلاك لدى الأسرة الجزائرية. وقالت النقابة في بيان لها أمس إن مطالب عمّال توزيع الحليب تتمثّل أيضا في رفع الأجور في ظلّ ارتفاع الأسعار خاصّة المواد الأساسية وهو ما لا يتماشى مع قدرة العمّال وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن الجزائري بشكل عامّ فضلا عن مطلب يتعلّق بتجديد حظيرة وسائل نقل الحليب وتوزيعه عبر مختلف الولايات. وقدّمت نقابة عمّال مصنع إنتاج الحليب ومشتقّاته في مراسلتها لوزارة التجارة مهلة عشرة أيّام للنّظر في مطالبها وهي (مطالب مهنية واجتماعية) وهو ما يعني أن عدم الاستجابة للمطالب سيدفع العمّال إلى الدخول في إضراب مفتوح إلى غاية تلبية المطالب العالقة منذ شهر ديسمبر الماضي. وكان وزير التجارة بختي بلعايب قد وعد نهاية شهر ديسمبر الماضي الموزّعين بالاستجابة لمطالبهم بعد أن عقد اجتماع مع وزير المالية ووزير الفلاحة لتحديد النقاط العريضة التي يمكن تلبيتها بينما أكّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري سيد أحمد فروخي أن أزمة موزعي الحليب ستعرف حلاّ نهائيا خلال الشهر الجاري برفع هامش الرّبح لهؤلاء. أزمة الحليب في الجزائر ليست وليدة اليوم ففي كلّ مرّة يدخل العمّال في إضرابات واحتجاجات لتدخل الوزارة على الخطّ وتقدّم الوعود خصوصا وأن أكياس الحليب تعدّ مادة أساسية في الأسرة الجزائرية وذات استهلاك واسع بسعر لا يتجاوز 30 دينارا للكيس الواحد فيما تشير أرقام وزارة التجارة إلى أن فاتورة واردات الجزائر لمادة مسحوق الحليب من الخارج بلغت 1.04 مليار دولار العام الماضي 2015. ويرجع بعض المختصّين أسباب توالي أزمات حليب الأكياس مؤخّرا في الجزائر إلى تحويل غبرة الحليب عن مسارها الفعلي واستعمالها في إنتاج الأجبان و(الياغورت) وغيرها من مشتقّات الحليب في وقت تقدّر فيه نسبة العجز في تموين السوق بهذه المادة الأساسية بحوالي 30 في المائة حيث يستقرّ الطلب الحقيقي في حدود 4 ملايير لتر سنويا. وفي السياق يرى اتحاد التجّار والحرفيين الجزائريين أن نسبة معتبرة من غبرة الحليب المدعّمة والتي تستوردها الدولة من الخارج بالعملة الصعبة تحوّل لصنع مواد أخرى بدليل وفرة كافّة أنواع مشتقّات الحليب على رفوف المحلاّت التجارية والمساحات الكبرى في ظلّ الغياب شبه التام لحليب الأكياس الذي يشكّل أساس غذاء الجزائريين في وقت لم تساعد فيه الكمّيات الهامّة التي يجمعها المربّون من حليب الأبقار في تغطية النقص لكونها لا تمثّل سوى ثلث الاحتياجات فقط.