بقلم: خيري منصور* ثلاث جرائم قتل في الولاياتالمتحدة شغلت الباحثين في علمي النفس والاجتماع إضافة إلى الرأي العام وهي اغتيال مارتن لوثر كنج وجون كنيدي ومالكوم اكس حيث لم يتعامل الباحثون مع هذه الجرائم سياسيا وأمنيا وتركوا هذه الشجون لأصحابها من ذوي الاختصاص. وقد يكون ما كتبه الروائي والباحث نورمان ميلر عن مصرع جون كنيدي نموذجا لتناول وضع المجتمع كله تحت المجهر وبالمقابل تعامل العرب مع جرائم اغتيال طالت ملوكا ورؤساء وشخصيات عامة من مفكرين وناشطين بشكل لا يتخطى المناسبة وطقوسها وغالبا ما تولت الإشاعات هذه الأحداث وذلك لعدة أسباب منها غياب حرية التعبير إلا بالقدر الذي تتيحه النظم السياسية ومنها أيضا عدم وجود الدوافع لدى المثقفين للتصدي لمثل هذه الأحداث وكأنها معزولة عن المناخات السياسية والاجتماعية والأمنية. ولو أخذنا مثالا واحدا هو اغتيال السادات وهو يحتفل بذكرى حرب أكتوبر لوجدنا أن ما كتب يتراوح بين تبرئة منحازة وانفعالات مؤقتة وبين شماتة ثأرية أما الباحثون فقد كانوا في مكان آخر وربما في زمان آخر. إن حادث الاغتيال بحد ذاته أمر تتولاه أجهزة ذات اختصاص لكن أسبابه العميقة تبقى طيّ المسكوت عنه ويتناسى البعض أن ما يقال عن المجتمعات بأنها تستحق ما تفرزه من قضاة ومن مجرمين هو من صميم علم الاجتماع خصوصا في بُعده السياسي فالعنف مناخ وليس مجرد حالات طارئة والأساليب التي تعامل بها العرب المعاصرون مع ظواهر سياسية بالغة التعقيد تبدو ساذجة إذا قورنت بما يماثلها من المقاربات المنهجية في مجتمعات أخرى وذلك لأن شهية البحث وهاجس الكشف والمغامرة في عالمنا العربي يَندر وجودهما إلا لدى استثناءات قد لا تجد من يصغي إليها. وحين حسدنا مثقفون غربيون لأن لدينا مناجم بلا نهاية للكتابة والبحث نسوا أن الخراف لا مذكرات لها !!