بقلم: جمال نصر الله* علميا السرطان هو ورم يحط فوق أي عضو داخل الجسم أو خارجه.ولا يلبث أن يغادر حتى يُنهي فريسته؟! وعلى الرغم من المسكنات والمضادات الحيوية والتشخيص المبكر فإن هذه الطفرة الغازية الدخيلة تتشبث بمكانها.ولاهم لها إلا في كيفية التسيّد والتخريب والتلف؟! هكذا أردنا وصف فرنسا الكولونيالية ممن استلذت الفكر الإقطاعي وطوّعت بموجبه شعوب القارات التي لازالت تعتبرهم خدما داخل امبراطورية بنتها بقوة السلاح والبطش وليس بالفكر أو الحضارات كما يشاع ويدعي بعض المؤرخين والساسة. عدم اعتراف فرنسا بما اقترفته طيلة حقب هو عند جيل لازال حيا ويشكل سلطة القرار والشد والجذب يُعتبر أغلى من الذهب والبترول؟! لأن فرنسا المارقة والمتجبرة الماردة لاتقبل بتأريخ يشوه سجلاتها التاريخية.فهي تقبل العيش على وقع تناقضات بارزة دون النزول إلى مستوى التطبيق ...تتغنى بالعدالة والمساواة والحرية في أدبيات خطابها التاريخي المتفتح على الثقافات .لكنها تقاتل عن ألا ينزل ذاك أوهذا حيز التنفيذ .فالاعتراف بالنسبة لهذه الزمر واللوبيات هو تخديش ومساس بسمعة امرأة عجوز بنت مجدها على حساب الاضطهاد وقدرات ومكاسب الآخرين... عقدة نفسية متجذرة عبر قرن وأزيد يستحيل محوها بمجرد قطرات حبر أو زلة لسان كما فعل المرشح الرئاسي الشاب ماكرون امانويل أونطق بها أيا كان من قبله. لأن المسألة ليست مسألة شجاعة أو عدم شجاعة في التصريح ولكن في سن قرارات حاسمة والإعلاء من شأنها.وهذا مالا تريد فرنسا الرسمية الخوض فيه.لأنه كما يقال الشاعر ( يموت الطغاة موتتة الذئاب في جحورها...وتهزأ الريح بالكلمات نُباحا) وإذا ثبت بأن ماركوني هذا يستعمل ذلك من أجل الإعلاء من بورصته الانتخابية المقبلة فذاك يعني أنه نوع من التلاعب بالتاريخ وأن كل مافي الأمر مجرد فزاعة وجب التخويف بها تلك الطيور الجارحة التي لا تقبل البتة التطرق للمعضلة أو حتى استشمام رائحتها. لأن الحقيقة الثابتة هي أن فرنسا البارحة هي فرنسا اليوم....فرنسا التي لبست ثوب المجد بسواعد البسطاء والمقهورين في أوطانهم.لذلك فهي تمدهم أجورهم ولاترتضي أبدا أن يصبحوا مواطنين صالحين في أروقة قصرها؟! قد نسمي ذلك جحودا متجذرا أو كبرياء مطلقا وتعنتا في حب الريادة.لكن لا نسميه أبدا اعترافا بالحريات الانسانية...لأن الذي يتفنن في الحروب والقتال ويبدأ في الاستحواذ على ملك الغير يستحيل أن يزرع في فكره وذهنه قيم ومباديء المساواة وإعادة الحقوق لأهلها أو ينزع منه طبائع الاستبداد والقهر وعشق الصفوف الأمامية في جميع المجالات .بل الأدهى من ذلك أنه متلصص ينقلب 160درجة في اليوم الواحد من أجل الحفاظ على مصالحه ولو بالإعتراف المبطن المغلف باللكلمات الرنانة...لكنك مع مرور الحقب والسنين تكتشف بأنها مزورة ومغشوشة. ومجرد صمامات أمان بغية تفويت الفرص عليك. فرنسا وبذكائها الخارق لا تستحوذ أو تهيمن على عضو واحد من أعضاء الجسم في تشبيه منا عن أنها سرطان تاريخي قاتل بل .تمد أذرعها الاخطبوطية نحو جميع الأعضاء الحساسة لتجعل من الجسم هيكلا مشلولا لا ينطق إلا بما أحبت هي ورغبت وبرمجت؟!