مشاهد مرعبة لفاتورة الحرب السورية ** تتواصل المعارك في قلب مدينة الرقة السورية بين من تبقّى من مسلحي تنظيم داعش وبين قوات يتولى فصيل كردي مهام القيادة والتوجيه فيها ومدعومة من طيران التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة في ظل معلومات ترد من داخل المدينة عن أنها تعرضت إلى دمار شبه كامل. ودفعت المدينة ثمناً ضخماً جراء سيطرة التنظيم عليها في العام 2014 إذ وجدت نفسها منذ ذلك الوقت تواجه عواصف متلاحقة جرّت على أبنائها الويلات وبات القسم الأكبر من أهلها إما قتيلاً أو مصاباً لا يجد عناية طبية أو محاصراً أو نازحاً أو لاجئاً وهذه المعطيات باتت تنطبق على كل سوريا الجريحة التي تنزف في صمت وتقسم أيضا في الخفاء ! ق.د/وكالات تخطّت معركة استعادة مدينة الرقة من تنظيم داعش يومها ال100 في ظل تقدّم تحققه قوات سورية الديمقراطية (قسد) في قلب المدينة وباتت قاب قوسين أو أدنى من انتزاع السيطرة عليه في وقت لا يزال التنظيم يحاول تكبيد القوات المهاجمة المزيد من الخسائر قبل أن يعلن الاستسلام. وتشير مصادر في قوات سورية الديمقراطية إلى أن مقاتليها يشتبكون مع مسلحي التنظيم وسط المدينة في محاولة للسيطرة على ما تبقّى من مواقع تحت سيطرة داعش . وتقلص وجود التنظيم في مدينة الرقة إلى مساحات ضيقة في القسم الشمالي منها وهو لا يزال يسيطر على منطقة التوسعية التي تضم عدة أحياء وحارات بالإضافة إلى احتفاظه بقوات في مقرات الفرقة 17 التي كانت تابعة لقوات النظام قبل العام 2013 ومن المتوقع أن تدور المعركة الأخيرة فيها قبل الإعلان عن انتهاء المعارك. وكانت انطلقت في السادس من يونيو/حزيران الماضي عملية واسعة النطاق لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة التي سيطر عليها تنظيم داعش بداية 2014 وباتت أهم معاقله في سورية. وكان من المتوقع أن تنتهي المعارك سريعاً في المدينة نتيجة انسحاب قادة التنظيم إلى شرق سورية لإدراكهم صعوبة الصمود في الرقة ولكن تطويق مسلحي التنظيم من كل الجهات جعلهم يستميتون في الدفاع عن مواقعهم ما أدى ولا يزال إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين وتدمير معظم المدينة. وبعد أكثر من مائة يوم من المعارك باتت سورية الديمقراطية تسيطر على أحياء السباهية والرومانية واليرموك والقادسية وبريد الدرعية ونزلة شحاذة والمشلب والصناعة والمدينة القديمة والبتاني وتل البيعة وهشام بن عبد الملك وحي الثكنة وسواها. كما سيطرت على أهم شوارع المدينة وهي القوتلي والمنصور والوادي وتل أبيض وقسم من شارع 23 شباط إضافة الى سيطرتها على ساحة الساعة الشهيرة في قلب مدينة الرقة التي تمتد على مسافة تقدر بنحو 8 كيلومترات من الشرق للغرب و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال وتضم أكثر من 20 حياً وحارة تنسب إلى عائلات تقطنها. فاتورة غالية دفع المدنيون فاتورة الحرب إذ قتل وأصيب الآلاف منهم بالقصف الجوي والمدفعي العشوائي وبألغام سوّر بها التنظيم المدينة أثناء محاولات يائسة للهروب من الجحيم على حد وصف أحد الناجين. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد القتلى من المدينة وريفها إلى 1007 أشخاص بينهم 236 طفلاً و166 امرأة منذ 5 يونيو الماضي وحتى 11 سبتمبر الحالي. وأشار إلى أن 991 مدنياً قتلوا في مدينة الرقة خلال هذه الفترة بينهم ما لا يقل عن 233 دون سن الثامنة عشرة و162 امرأة إضافة إلى 16 مدنياً بينهم 3 أطفال و4 نساء قتلوا في غارات على قرية زور شمر ومنطقة أخرى عند الضفاف الجنوبية لنهر الفرات بريف الرقة الشرقي. وأكد المرصد أن القصف الجوي تسبب بإصابة مئات المواطنين بجراح متفاوتة الخطورة بعضهم تعرض إلى بتر أطراف وإعاقات دائمة. كما دمِّرت عشرات المنازل والمرافق الخدمية في المدينة نتيجة لهذا القصف المكثف الذي استهدف مدينة الرقة ومحيطها. وتؤكد مصادر محلية خرجت من الرقة حديثاً أن عدد القتلى أعلى بكثير من الأرقام المعلنة مشيرة إلى أن جثثاً لا تزال تحت دمار أبنية المدينة موضحة أن معظم مرافق المدينة وأبنيتها تعرضت للتدمير بقصف طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ولا يزال هناك عدد غير معروف قدرته الأممالمتحدة بأكثر من 20 ألف شخص داخل المدينة ينتظرون المجهول إذ اجتمعت كل أطراف الصراع على عدم إيجاد حل لهم فطيران التحالف الدولي غير مكترث بهم وتنظيم داعش يتخذ منهم دروعاً بشرية ومنهم من لم يجد سبيلاً للخروج من المحرقة في أكثر المدن السورية التي تعرضت للتدمير. لم تعد صالحة للعيش يؤكد أحد الناجين مضيفاً أن حجم الدمار أكبر مما تتخيلون. إنها كارثة وجريمة كبرى ارتكبت تحت ذريعة محاربة الإرهاب .