مع مقدم كل صيف تتهيأ الشواطئ لاستقبال المصطافين، كلّ بطريقته الخاصّة، وحتى هؤلاء الباعة الين يحتلونها، والذين يمرّون بين المواطنين يعرضون سلعهم، ليس هذا فقط، ولكن أيضا بعض "الديجيات" الذين يتخذون لهم مكانا في الشواطئ، بعضهم من الهواة، وآخرون يعملون، ولكن عادة ما يزعجون المواطنين، والمصطافين بتلك الموسيقى الصاخبة، بل والشاذة التي يطلقونها. مصطفى مهدي. الأمر الذي لاحظناه ما إن دخلنا الشاطئ المعروف تحت اسم "بالومبيش"، والذي تحسب انه نادي راقص من كثر ما تسمع أصوات الموسيقى تنبعث من هنا وهناك، حتى أن بعضها تمتزج ببعض فتخلق أصواتا مزعجة بشعة تصمّ الآذان، وقد كان بعض المواطنين خاصة الذين يزورون الشاطئ لأوّل مرة، كانوا يتذمرون من الأمر، لكنهم كانوا يفضلون السكوت، لأنهم يعلمون مسبقا الإجابة، إلاّ أنّ البعض الآخر، لم يستطع الصمت أمام الوضع، وراح يخلق بالتالي شجارات، لا بد أنها تتكرر عشرات المرات في اليوم الواحد، مثل الصادق الذي وجدناه يتعارك مع مجموعة من الشبّان، كانوا يستمعون إلى الموسيقى من مسجلتهم الضخمة، كانت موسيقى هابطة، فيها من الكلمات الحقيرة ما يجعل الأشخاص حتى الأكثر مجونا يتحفظون منها، فما بالك بالصادق والذي كان رفقة زوجته وأولاده، وكانوا يقضون أوقاتا ممتعة إلى أن رجاء هؤلاء الشبان يحملون مسجلتهم، التي راحت تدوي عاليا، وبقوا على تلك الحال، رغم أنهم شاهدوا ولاحظوا الأسر التي كانت تحيط بهم، ويعرفون جيدا أنّ العائلات قد تتحفظ من تلك الأغاني، إلاّ أنهم مع ذلك راحوا يرفعون من صوت مسجلتهم، بل إنهم زادوا على ذلك بأن راحوا يضحكون ويصرخون ويرفعون من أصواتهم، لتمتزج بصوت المسجلة، وتنتج صوت مزعج لم يتقبله لا الصادق ولا باقي الأسر.و طلب منهم الصادق أن يخفضوا من صوت مسجلتهم، لكنهم لم يفعلوا، بل إنهم سخروا منه، ومن تخلفه، كما وصفوه، فلم يحتمل الصادق الأمر، وثار في وجه هؤلاء الشبان، وصفع احدهم، فدخل الاثنان في شجار وانضم إلى الشاب صديقه والى الصادق بعض المواطنين الذين لاحظوا بداية الشجار، تلك الموسيقى التي يختارها بعض "الديجيهات"، ليست فقط موسيقى صاخبة وماجنة وكلماتها رديئة، بل قد تكون موسيقى شواذ، حيث يتغنى المطرب الرجل بآخر، ويستعمل كل الكلمات التي تعبر عن علاقة شاذة، وعن فساد أخلاق ما بعده فساد، هذا بالإضافة إلى بعض العبارات المشينة والسيئة، والتي تطلقها حناجر مبحوحة تصور لك الكباريهات وما يحدث بها من مجون بأدّق التفاصيل، كما لو أنّ المغني يحاول أن ينشر طريقة عيشه الفاسدة ويشهر بها وبرفاق السوء الذين يصاحبهم، والذي اغلبهم من المخنثين واللصوص والمجرمين، كل هذا يروج له بعض الشباب الديجي، ولا يستحون من أن يبثوه على الملأ وعلى مسمع من العائلات والأسر المحترمة التي تتحفظ بشأنه، يقول لنا السعيد، انه كان مع أسرته عندما وصلته بعض الموسيقى الحقيرة المحرضة على المجون والعبث، ولم يصدق الأمر في البداية، وان الوقاحة قد تبلغ بالبعض أن يفقد احترامه للعائلات ولحرمتها وان يسمح لنفسه بأن يضع تلك الموسيقى، ولما تحدث إلى الديجي قال له بأنّ هذه الموسيقى هي على الموضة، وأنّ الجميع فرح بها ويستمع إليها بسرور إلاّه!.