يستحق العمل الضخم والمجهود الخرافي في الملحق الاستثنائي »صوت الأسير« الذي يصدر اليوم عن نادي الأسير الفلسطيني أن تخصص له افتتاحية هذا العدد، بل ويستحق أن يخصص له كل الملحق. فلأول مرة يُلتفت للأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بهذا الشكل. مجهود جبار أشرف عليه المناضل الفلسطيني-لسان حال كل الأسرى- خالد صالح »عز الدين«، تمثل في جريدة عملاقة من 70 صفحة، خصصت كلها لشؤون الفلسطينيين في الأسر.. أسر لم يتمكن من سجن عقولهم، بدليل ما نقرأ على صفحات ملحق صوت الأسير، من دور ثقافي واجتماعي وسياسي، يبلورونه من داخل الزنزانات ويكتبونه بدمائهم. أعتقد أن هذا الإسهام الخرافي، يجعلنا نسحب قبعتنا أمام جميع هؤلاء الذين يعملون في الخفاء في سبيل إسماع أصوات من ظن الكيان الصهيوني أنه تمكن من إخمادها، حين ظلمهم بأبديات من السنين يقضونها في السجن. إننا بفضلهم نسمع هذه الأصوات، بل صرنا نصغي إليها أيضا فيدفعنا صداها إلى التأمل في حقيقة واحدة لا غير، وهي أنه ما دام ثمة من يؤمن بأسبقية الأرض والوطن حتى على نفسه وحقه في البقاء حرا، فلا يمكن أن يضيع الحق.. أقول الحق، وأنا لا أقصد إلا حقا واحدا لا غير.. الحق في الوجود. قد نتفهم أن يكون السجن عقابا يقرر لمن يحاول المس بحقوق الآخرين والاعتداء على حرياتهم.. ولكننا لا يمكن أن نتفهم سجنا يفرض على من تضيع حقوقه ويعتدى على حريته. إن هذا يتجاوز أي منطق وكل تفكير سليم. صدور هذا الملحق، ليس إسهاما إعلاميا أو فكريا فحسب، بل هي طريقة حضارية لإخطار الكيان الصهيوني بفشله الأكيد في تحقيق مآربه بسجن كل هؤلاء المظلومين الذين لا جرم اقترفوه إلا حبهم لفلسطين، كما أنها محاولة تستحق كل تنويه لجبر نفوس هؤلاء بشيء من الصدق والحب.. همس حاول خالد غز الدين وكل الفريق القائم على الملحق أن ينزل بعض الطمأنينة في قلوب أحبتنا الأسرى المناضلين من أجل تحرير واحدة من أقدس الأراضي العربية على الإطلاق.. هو همس بلا شك، ولكنه قادر على هدم أسوار السجون..