أراد البعض ركوب الوقفة الاحتجاجية التي قام بها أفراد من الشرطة، في محاولة لاستغلالها سياسيا، وراح هذا البعض ينتظر بفارغ الصبر - للأسف الشديد - امتداد الحركة إلى مختلف جهات الوطن وأن يمتد »الفتيل« من غرداية إلى العاصمة وغيرهما من المدن الجزائرية! هناك من راح يبشر بالرياح القادمة من غرداية، وهناك من رأى أن احتجاج الشرطة هو بداية الانهيار وأن ساعة الانفجار قد حانت وأن »الثورة« على شاكلة ما حدث في بلدان »الربيع العربي« هي على الأبواب! حدثت تلك التخمينات والتوقعات والترتيبات، طيلة الأيام الأخيرة، إلا أن خيبة الأمل كانت قوية، والذين انتظروا أن تتمرد الشرطة، كانت صدمتهم كبيرة، لأن ما كانوا يتوقعونه لم يحدث، وهذا لعدة اعتبارات أساسية: أولا: إن ما قام به أفراد من الشرطة في جهات محدودة وبأعداد قليلة، تميز بالسلمية والانضباط وروح المسؤولية. ثانيا: إن عناصر الشرطة، التزموا بمهمتهم الوطنية المنوطة بهم في حماية الأشخاص والممتلكات، ففي الوقت الذي كان البعض منهم يقوم بوقفة احتجاجية أو مسيرة سلمية، بعدد من المدن الجزائرية، كانت الأغلبية تضطلع بدورها الأمني بكل مسؤولية وفي احترام كامل لقواعد الانضباط التي تفرضها الوظيفة. ثالثا: لا ينبغي النظر إلى الحركة الاحتجاجية على أنها تمرد أو عصيان أو أنها ذات أبعاد سياسية، بل حتى وإن كانت سابقة في تاريخ هذا الجهاز - يجب وضعها في إطارها العادي، باعتبار الحركة ذات مطالب اجتماعية، وهذا يحدث في كل الدول، لا سيما الديمقراطيات العريقة. رابعا: إن الشرطة وكل أسلاك الأمن تضطلع بمهمة حيوية، وهي بهذا تستحق عرفان وتقدير المجتمع، ولهذا الاعتبار يجب أن يحظى أفراد هذا الجهاز بحقوقهم المشروعة والتي تتوافق مع واجبهم الوطني وحجم تضحياتهم، والأخطار التي تواجههم أثناء تأدية مهامهم النبيلة، بكل تفاني وإخلاص في ظل الاحترام الصارم لقوانين الجمهورية.