يضطلع حزب جبهة التحرير الوطني بمهامه النضالية والسياسية في أجواء طبيعية، سواء تعلق الأمر بالجوانب التنظيمية أو القضايا المرتبطة بالحياة الوطنية، وهذا رغم الحملة التي يتعرض لها الحزب وأمينه العام، وهي المكشوفة في دوافعها وأهدافها، حيث أن الغاية منها هو التشويش على أداء الحزب وقيادته ومحاولة جره إلى معارك هامشية، تغذي الجدل العقيم وتبتعد بالممارسة السياسية عن القضايا الجوهرية والأساسية· إن حزب جبهة التحرير الوطني يمارس دوره، وفق ما تمليه مسؤولياته الوطنية، دون التفات إلى الحملات الحاقدة والافتراءات المفضوحة، لأنه يدرك أن الأشجار المثمرة هي التي تتلقى الحجارة وقد تتعرض للقصف بكل الأسلحة، لكنها تبقى دوما تنتج الثمار وتنشر الظلال، مهما اشتد عليها العدوان. ذلك هو حال حزب جبهة التحرير الوطني، الذي رغم الضربات التي تتوالى عليه وتسعى إلى زعزعته وإضعافه، إلا أنه يواجه كل ذلك بالثبات على مواقفه الوطنية التي تبدأ وتنتهي عند مصلحة الشعب، بكل ما يعنيه ذلك من أن هذه المواقف التي ما فتئ يعبر عنها ويؤكد عليها، قولا وفعلا، هي التي تجلب له »صداع الراس« وتزيد من لهيب الحمى لدى الخصوم والأعداء. إن هناك من يعمل على إنهاء رسالة جبهة التحرير الوطني، بدعوى الخوف عليها، وهذا ما يعبر عنه »دعاة المتحف«، كما أن هناك من يريد أن يلتزم الحزب الصمت ويكتفي بدور المتفرج على الأحداث، لا رأي له ولا موقف أو أن يضطلع بمهمة التصفيق والتبرير لأي قرار، حتى ولو كان خاطئا! كما أن هناك من يتمنى أن تصبح ممارسات الحزب وطرائق نضاله تقليدية، لا تواكب العصر ولا تتكيف مع المستجدات التي يعرفها المجتمع. هل بالإمكان القول، إن حزب جبهة التحرير الوطني بعد أن فك القيود عن نفسه وحدد خارطة طريق، واضحة المعالم والأبعاد، قد أصبح »يزعج«، ولذلك تعددت الهجمات وتنوعت أساليبها، حتى وإن كانت الغاية واحدة، وهي ضرب سمعة الحزب وتشويه صورة قيادته والتشكيك في مصداقية مواقفه. هل أخطأ حزب جبهة التحرير الوطني، حين دعا إلى تعديل الدستور، بما يحقق الفصل بين السلطات، ضمان استقلالية العدالة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان؟ هل ارتكب جريمة، حين يطالب باحترام شرعية المؤسسات الدستورية واعتبار شرعية رئيس الجمهورية خطا أحمر. هل مارس الخيانة، حين يؤكد على موقفه الثابت حول أحقية الأغلبية البرلمانية في قيادة الحكومة؟.. أليس ذلك هو جوهر الديمقراطية. هل جانب الصواب، حين قرر نزول قيادته إلى ولايات الجنوب، لفتح قنوات الحوار مع السكان حول استغلال الغاز الصخري وتحسس انشغالاتهم وتطلعاتهم في تحقيق النماء والتطور للمنطقة؟.. أليس ذلك هو صميم العمل الحزبي، حيث أن الأحزاب مطالبة بإنتاج الأفكار والتجاوب مع اهتمامات المواطنين، وليس إصدار البيانات النارية وإلقاء خطب التأزيم والتسويد! إن بوصلة حزب جبهة التحرير الوطني مصوبة في الاتجاه الذي يقرره مناضلوه وتحدده إرادة الشعب ومصلحة الجزائر أولا وأخيرا. أما الذين يراهنون على تعطيل المسيرة، من خلال الافتراء والمهاترات والتضليل، فعليهم أن ينتظروا طويلا، لأنهم لن يحصدوا سوى الخيبة، خاصة وقد علمتنا تجارب الحياة أن الطبول يكثر ضجيجها كلما اتسع تجويفها وخواؤها، أما الأهم فهو أن القافلة ستظل تسير. التحرير