قبل أيام تأكد خبر استحواذ رجل الأعمال يسعد ربراب على مجمع الخبر، وبذلك يضع يده على واحدة من أكثر الجرائد تأثيرا في الجزائر، فضلا عن قناة تلفزيونية قد تصبح لاعبا فاعلا على الساحة الإعلامية. ما جرى يبدو منسجما مع ما يجري على الساحة العالمية، فالإعلام صناعة، وقد بقي منذ وقت بعيد تابعا للجهات التي تموله، غير أن في الحالة الجزائرية بعض الخصوصية، وهي أن سيطرة رجال المال على وسائل الإعلام يتم في غياب وسائل إعلام عمومية قوية ومؤثرة، وهذا أمر بالغ الأهمية. لم تف السلطات بوعودها الكثيرة في تحديث وسائل الإعلام العمومية، وعلى رأسها التلفزيون، ولم يتغير مضمون الخطاب الإعلامي لتلك الوسائل المملوكة للدولة، وهو ما يعني نظريا أنها ملك للجزائريين وفي خدمتهم، فقد بقيت الخدمة العمومية محصورة في تمرير الخطاب الرسمي، والحرص على تلميع صورة الحكومة، ولا يكاد يجد الجزائريون شيئا من همومهم في وسائل إعلامية يمولونها من أموالهم، ولم تظهر القنوات المتخصصة للتلفزيون، وبقيت نشرة الثامنة تعمل بنفس الأساليب القديمة، ولم تثر الهجرة نحو القنوات الخاصة، رغم تواضع التجربة، اهتمام المشرفين على القطاع، في حين تتكفل وكالة النشر والإشهار بالصحف العمومية حتى لا تتحمل الخزينة مزيدا من الأعباء غير المبررة، وفي هذا الوقت يسعى رجال المال إلى امتلاك وسائل إعلام أكثر تأثيرا في الرأي العام. الميدان الذي أخلته وسائل الإعلام العمومية ستحتله قنوات وجرائد رجال المال، فالطبيعة تأبى الفراغ، وفي مجتمع يمر بمرحلة تحولات عميقة سيكون التزاوج بين المال والإعلام عملية محفوفة بالمخاطر، خاصة في غياب هيئات ضبط حقيقية، وتكوين ملائم يجعل المنتسبين إلى هذه المهنة، بكل فروعها وأنواعها، قادرين على إدراك خطورة دورهم. التحول العميق في المجتمع يفتح الباب أمام احتمالات الصدام، ووسائل الإعلام أسلحة فتاكة، وفي غياب حماية قد توفرها خدمة إعلامية عمومية حقيقية، وهيئات ضبط قوية وذات مصداقية، تصبح المخاوف من تزواج المال والإعلام مبررة.