قدم قيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تفاصيل مثيرة عن التحاق الجماعة السلفية للدعوة والقتال بتنظيم القاعدة، وانتقالها للنشاط بمنطقة الساحل الصحراوي، واعترف بان مشروع المصالحة في الجزائر كان كارثة حقيقية بالنسبة للتنظيم الذي أصيب بنزيف حاد، كما اعترف بالصراعات الداخلية واجهها التنظيم بفعل وجود من اسماهم ب »بالخوارج« أي التكفيريين. كشف أحد قادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لم يكشف عن اسمه في تصريح لوكالة الأنباء الموريتانية المستقلة »الأخبار« عن تفاصلي مثيرة حول مسيرة هذا التنظيم وانتكاساته خلال العشرية الأخيرة، وكشف بأن فكرة الانضمام لتنظيم القاعدة راودت قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بدءا من سنة 2003، وشرع في الانضمام إلى هذا التنظيم منذ التاريخ المذكور ووصل ذروته في 2005، ليتم الإعلان عنه في 2007، مضيفا بأن »الإعلان الفعلي عن الانضمام لتنظيم القاعدة والتحول إلى فرع له في منطقة المغرب الإسلامي تأخرت كثيرا عن وقتها الفعلي، لأسباب كثيرة يرجع أغلبها إلى ظروف وطرق الاتصال، وضرورة تهيئة الظروف المناسبة، فضلا عن بناء الثقة بين الطرفين«. وقال القيادي في تنظيم أبو مصعب عبد الودود: »انضمامنا الفكري والعملي لتنظيم القاعدة وتحولنا إلى فرع له في منطقة المغرب الإسلامي سبق كثيرا الإعلان عنه رسميا، وقد أعطانا هذا الانضمام نفسا قويا، كما شكل سندنا الأساسي في مواجهة ما عرف بمشروع المصالحة الذي بدأت الجزائر في تطبيقه«، وعدد القيادي البارز في التنظيم أبرز المكاسب التي حصل عليها تنظيمه بعد الانضمام لتنظيم القاعدة، حيث استفادوا من طريقة نشاطه العسكري، ومن أدبياته، وكذا سبل تقديمه لمشاريعه إعلاميا، مرجعا الكثير مما أسماه »النفس الجهادي« إلى الغزو الأمريكي للعراق، قائلا: »دخول العراق أعطى نفسا قويا للجهاد العالمي، وكان مفروضا علينا أن نستفيد من هذا النفس«، وهي مسألة سبق للكثير من المراقبين والمحللين أن نبه إليها. واعترف القيادي في الفرع المغاربي للقاعدة بالخسائر الكبيرة والنزيف الذي أصاب التنظيم الإرهابي بسبب مشروع المصالحة في الجزائر، ووصفه ب »الانتكاسة« وقد عجل بالتحاق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال بتنظيم القاعدة حيث صرح قائلا: »انضمامنا للقاعدة وجدنا في مرحلة صعبة، فقد نال مشروع المصالحة منا فعليا، وبالفعل كان انضمامنا له مشروعا سياسيا مهما لمواجهة المشروع الجزائري، حيث فتح الباب أمام الكثير من المهاجرين من كل بقاع الأرض للالتحاق بنا مما قلص مفعول المشروع الجزائري إن لم يكن قضى عليه، ومنحنا ورقة العالمية التي أفادتنا كثيرا وأخرجتنا من قوقعة القطرية التي كنا نرزح فيها«، وواصل في نفس السياق مؤكدا أنه »لولا هذا الانضمام والخروج من القطرية إلى العالمية واستقبال الملتحقين بالتنظيم من كل بقاع الدنيا، لقضي على التنظيم في الجزائر من خلال مشروع المصالحة إضافة لعوامل أخرى كثيرة«. وقدم القيادي في الفرع المغاربي للقاعدة تفاصيل مثيرة عن انتقال التنظيم الإرهابي إلى الجنوب ومنطقة الساحل الصحراوي، وكان ذلك بداية من سنة 1994، أي في عهد الجماعة الإسلامية المسلحة، ولخص القيادي في تنظيم عبد الملك درودكال أهداف الانتقال إلى الصحراء أساسا في »في البحث عن الأسلحة..«، وبحسب نفس الشخص، وصل التنظيم إلى النيجر ثم إلى نيجيريا وحقق بعض النجاحات في الحصول على الأسلحة، مع هذا ظل نشاط التنظيم في منطقة الساحل محدود، وظلت العلاقة بأنظمة المنطقة سلمية »لتتطور العلاقة في وقت لاحق بعد قرار التمركز إلى إشارات إيجابية فهمها النظام النيجيري في المرحلة الأولى والمالي بعد ذلك فهما سليما وعملا بمقتضاها«. وأوضح القيادي في الفرع المغاربي للقاعدة أنه وبعد ستة سنوات من بعد، شرعت المنطقة التاسعة في الجماعة السلفية للدعوة والقتال في البحث عن موطئ قدم لها في الصحراء، ورد ذلك إلى الخلافات التي دبت في صفوفها بسبب الصراع مع من اسماهم ب »الخوارج وفتنتهم«، وبسبب النجاحات التي حققتها الاستخبارات الجزائرية في اختراق المجموعات الإرهابية، وقد أوكلت مهمة البحث عن محل للتمركز ل 16 شخصا دخلوا شمال مالي وشرعوا في مسح المنطقة والتعرف عليها جيدا، فضلا عن كسب أنصار وأتباع في المنطقة، وتفادي الأخطاء التي وقع فيها التنظيم في الجزائر، أي التورط في تصفيات المدنيين، وارتكاب المجازر والقتل بالشبهة وتكفير الجميع، وسميت مجموعة ال 16 ب »طليعة الصحراء«، وقد قضى عناصرها عدا أمير كتيبة الملثمين مختار بلمختار، المكنى بأبي العباس وبالأعور. واعترف القيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب بان التنظيم وجد صعوبة كبيرة في البداية و لإقناع سكان مناطق الصحراء إلا أنه وفق فيما بعد، وعن العمل الذي قام به التنظيم واصل القيادي في الفرع المغاربي للقاعدة يقول: »حددنا في بداية دخولنا مجموعة من الأهداف، على رأسها التعرف على شباب المنطقة، والتعرف على المنطقة ذاتها، فقد كانت منطقة الحدود المالية الجزائرية منطقة تهريب معروفة، والتعريف بالتنظيم في المناطق التي لم يكن معروفا فيها بشكل جيد، وخصوصا مناطق موريتانيا، وتدارك الأخطاء التي وقعنا فيها الجزائر والتي أدت لتشويه التوجه الجهادي عموما«، واعتبر بأن النجاح الذي حققه التنظيم في استقطاب الكثير من الأتباع في منطقة الساحل الصحراوي عائد إلى ما أسماه »السياسة الحكيمة في التعامل مع شعوب وحكومات المنطقة«، وتفادي فتح جبهات جديدة.