لم يتفق نائب حركة مجتمع السلم عمار غول مع زملائه الذين قاطعوا جلسة تنصيب المجلس الشعبي الوطني، وأكثر من هذا اعتبر نفسه غير ملزم بقرار مجلس شورى الحركة الذي نص على عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، فهو يضع نفسه في خدمة الدولة ويسعى إلى المساهمة في استقرار وطنه حسب تعبيره. من المهم جدا التأمل في قضية حركة مجتمع السلم ومواقف قادتها من الانتخابات، فقد وعد رئيس الحركة القواعد بتحقيق أفضل النتائج وبالوصول إلى الحكم، وليست هناك مشكلة في أخطاء الحساب التي يقع فيها الساسة، لكن المشكلة هنا هي في تعنت القادة الذين فشلوا ويصرون على الهروب إلى الأمام ويرفضون تحمل مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية، والإصرار على الخطأ بدأ يضاعف الخسارة لحزب أضعفته الخيارات السياسية الخاطئة منذ سنوات. لا أعرف سببا لسطوع نجم عمار غول غير إشرافه على قطاع تظهر فيه نتائج العمل بشكل سريع ومباشر، فإنجاز نفق في العاصمة، أو طريق سيار، أو بناء جسر لا يمكن أن يمر دون أن يترك أثرا في نفوس الناس، ومع ذلك فإن مشاريع ضخمة مثل الطريق السيار عرفت مشاكل كثيرة تراوحت بين تأخر الانجاز ورداءة بعض ما أنجز ووصولا إلى نزاعات مع شركات تبقي أجزاء من المشروع معلقة، لكن كل هذا قد لا يهم، فهناك حرص على إبراز النجاح في هذا الميدان بالذات ومن حق الوزير أن يستفيد سياسيا مما تم إنجازه إلى حد الآن. الذي يهم سياسيا هو أن الوزير الناجح، كما تقدمه حمس، أصبح اليوم مشكلة كبيرة للحركة، بل إن وزنه أصبح أثقل من وزن الحركة بدليل أن توجه حمس مستقبلا مرتبط بمشاركة غول في الحكومة من عدمها، والمؤكد اليوم أن غول لن يتراجع عن المشاركة وهو ما يعني أن حمس لم تعد تملك من أمرها شيئا. الحركة التي تقول إنها تحمل مشروع مجتمع متكامل، والتي قالت لسنوات أيضا أنها شاركت في الحكومة خدمة للجزائر، ورغبة في كسب تجربة سياسية ضمن خطة متكاملة، أصبحت اليوم رهينة وزير قيل لنا، ذات يوم، إن حمس قدمته هدية للدولة الجزائرية وللشعب، فها هو الوزير يتحكم في مصير الحركة، وها هو مشروع المجتمع يختزل في نقاش عقيم حول بقاء فلان أو علان في الحكومة بعد صدور قرار بالتحول إلى المعارضة.