كان مسار اللقاءات التي عقدتها مؤخرا وزارة الثقافة مع الفنانين الجزائريين من جميع التخصصات والتوجهات بمثابة فرصة لإجراء مشاورات حول ما يجب توفيره لإعطاء الفن مكانته في المجتمع الجزائري وتحسين وضعية الفنان بعد الانتقادات التي يوجهها في كلّ مرّة للوزارة الوصية. في هذا الصدد أكدّت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي بأنّ تلك اللقاءات الخمسة التي نظمت على مستوى المكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة من 14 إلى 24 جويلية الجاري، بين مهنيي الفنون البصرية والسينما والنشر وفنون المسرح والموسيقى والوزارة الوصية تندرج في إطار التحضيرات للندوات الوطنية التي ستنظم بعد شهر سبتمبر المقبل، حسب كل تخصص، وذلك بهدف إعداد سياسة ثقافية تقوم على المشاركة المباشرة للمعنيين، على الرغم من سنوات الإرهاب التي كانت الثقافة اكبر المتضررين. في السياق أشار المتدخلون طوال أيام اللقاءات بأنّ تلك الفترة قد برزت فيها تشكيلات فنية جديدة على غرار الفرق المسرحية من جنوب البلاد ومنطقة القبائل والشرق. سبب ابتعاد الجمهور عن الفن؟ على صعيد أخر يسجلّ شرخ كبير بين الفن والجمهور في الجزائر، حيث تتسع الهوة يوما بعد يوم، لعدة أسباب، هنا يسجل الفنانون طلاقا تاما بين الفن والمجتمع، مرجعين ذلك أساسا إلى ضعف المستوى الفني للإنتاج الحالي الناجم بدوره عن غياب التخصصات الفنية في البرامج المدرسية وضعف التكوين في المدارس الفنية. داعين في السياق إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تخص المواد في البرامج المدرسية وتطوير المدارس الموسيقية كمحاضن للمواهب. وشددوا على التكوين على صعيد المدارس الوطنية للفنون من خلال تحيين مضامينها والرفع من مستواها العلمي وكذا استحداث بكالوريا فنية وشهادات مماثلة في التكوين المهني. بدورها ترى الوزيرة بأنّ الأمر يتعلق باستغلال أمثل لترتيبات المساعدة على الإبداع مثل صندوق ترقية الفن والتقنية والصناعة السينماتوغرافية والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي واستحداث أخرى جديدة لا سيما في مجال ترقية كتابة السيناريوهات والإخراج”. أمّا حقل الكتاب فطالب الناشرون والكتّاب بإعادة النظر في “طرق وآليات الدعم العمومي للنشر“. دعوة لإشراك الخواص أوصى المشاركون بإشراك الخواص في إنشاء مدارس للفنون وفضاءات للتعبير والعرض ومؤسسات لترقية العروض وكذا تعاونيات مسرحية. وفي هذا الصدد سيتم تشجيع الفنانين على الاستفادة من ترتيبات المرافقة وكذا استحداث مؤسسات من خلال إنشاء قريبا وكالة وطنية لدعم تشغيل الشباب خاصة بالثقافة. في سياق ذي صلة تؤكد لعبيدي بأنّ الثقافة ستحتل الفضاءات التي تليق بها من بينها أماكن تاريخية مثل “قبات” ساحة الشهداء أو “مذابح” الجزائر التي تم اقتراحها كأماكن محتملة للعرض والإبداع إلى جانب قاعات السينما والمسارح التي يجب إعادة ترميمها أو بناءها”. بينما يعتبر المشاركون بأنّ الأمر يتعلق ببعث الثقة من جديد في نفوسهم من خلال إزالة العوائق البيروقراطية وضمان سير شفاف لمختلف الهيئات المكلفة بالثقافة في الجزائر.