إستشهاد أربعة فلسطينيين جراء قصف صهيوني على غرب مدينة غزة    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    سنعود أقوى وبدعم من الجمعية العامة من أجل العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    عطاف يجري لقاءين ثنائيين مع نظيريه البرازيلي و الاردني بنيويورك    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    أطفال ونساء في مواجهة الجلاّدين الصهاينة    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيه السني.. على أبواب تكريت
نشر في الفجر يوم 29 - 03 - 2015

تثير مشاهد القوات الحكومية العراقية ومليشياتها وحلفائهم الإيرانيين على مشارف تكريت الكثير من المشاعر المضطربة والمتداخلة، ما بين حزن على أرواح آلاف الشباب السنة والشيعة الذين يذهبون ضحية لهذه المطحنة، وبين أسى على التيه الذي يعيشه العرب السنة منذ 2003 بل وقبل ذلك، وبين تساؤلات حائرة عن مستقبل هذه البلاد الذي يرسم بحد السيف وأزيز الرصاص منذ عقود، كيف؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ وإلى متى؟ مشاعر متضاربة وأنين يقض المضاجع وأفق مظلم مجهول.
لم يكن اليتم الذي شعر به العرب السنة غداة الإحتلال الأمريكي للبلاد جديدا وإن لم يكن ظاهرا للعيان، إنها أزمة قديمة جديدة، تمتد عميقا في الوجدان السني الذي أسس الدولة العراقية الحديثة، وشاد بنيانها، وجعل لها شأنا ومكانة بين الأمم، وهو ذاته الذي فشل في إنشاء ثقافة وطنية تدمج المكونات والأقليات الأخرى في جسد الدولة، حين غض الطرف عن إشكالات بنيوية تعيشها الجماعات المذهبية والقومية التي تشاركه العيش في هذا البلد، وعن وجود أطر مرجعية لها خارج سيطرة الدولة (طوعا وكرها)، لم يفهم العرب السنة أن مواطنيهم لا يعتبرون الدولة مرجعية سياسية واجتماعية وقانونية لهم، رغم أن (الآباء المؤسسين) للعراق الحديث قد عانوا الأمرّين في سبيل إقناع الشيعة للدخول إلى المدارس الحكومية والتعيين في وظائف الدولة حين كانت مرجعياتهم الدينية آنذاك تحرم ذلك، وبعد أن بدأ الشيعة يتعاملون مع نظرائهم كمواطنين، دفع قادة السنة شيوخ عشائر وسياسيين جنوبيين إلى واجهة الحياة العامة عبر أحزاب الإستقلال والوطني الديمقراطي وغيرهما ليكونوا رجال دولة وناطقين باسم الشعب، لم يتعامل العرب السنة مع مواطنيهم (من الشيعة خاصة) بأي سلوك تمييزي، بل حتى أن من يعتبره الشيعة خصما عتيدا لهم وهو عبد السلام عارف ويلفقون في (عداوته) لهم القصص والحكايا؛ كان على علاقة متينة مع محسن الحكيم، الذي كان يؤازره ويلقبه ب(ابننا) ويسعى لكسب وده خوفا من اكتساح الشيوعية للجنوب.
أما صدام حسين والذي يعده الشيعة عدوهم الأول فلم يكن في سلوكه تجاههم اي نفس طائفي أو تمييزي، ولم يلجأ إلى ضرب رموزهم وقياداتهم بعنف إلا بعد قيام ثورة الخميني ورفعه لشعار (تصدير الثورة)، فبدأ صدام حينها بالضرب بيد من حديد على كل من يحاول إسقاط الدولة، وجرّ جرا إلى حرب مع إيران كان وقودها من السنة والشيعة، وخلال فترة حكمه كان من أشرس مؤيديه وشعرائه وفنانيه من الشيعة حتى سقوطه، ورغم هذا فقد خرج من كان يدبج في مدحه القصائد وويرقص له ليل نهار ليقول للعالم أن صدام حسين (السني) قد اضطهدهم طائفيا.
بعد الإحتلال الأمريكي استمرت المأساة، فلم يعي السنة قصة أن تقسيما حقيقيا قد حدث بالفعل بين صفوف من يسكنون على هذه الخارطة المسماة ب(العراق)؛ فظل ببغاوات السنة يهتفون بذات الشعارات التي ضيعت البلاد والعباد عن عروبية السيد فلان ووطنية السيد فلان، وليت هذه الشعارات أغنتهم أو جبت عنهم سكاكين الغدر والقتل على الهوية حين كانت جثثهم تتكدس خلف السدة أو في مبازل الشعلة.
وعاد العرب السنة بعد كل هذا لينتخبوا في 2010 أياد علاوي الشيعي العلماني رغم أنه لم يقدم لهم شيئا، ولكن حنينهم إلى رمز يوحد عرب العراق ويحيي فيهم النفس الوطني كان أقوى، وخابت مراهناتهم من جديد، ولم يشفع لهم ذلك لدى إخوانهم في الوطن، الذين ما زالوا يعتبرونهم أحفاد قتلة الحسين وأبناء بني أمية والعباس.
ثم قامت الأحداث الأخيرة واستمرت مراهنات البعض على (الوحدة الوطنية) و(الشعب الواحد) و(العشائر المنقسمة بين السنة والشيعة) و(التزواج والتصاهر)، لكن مشاهد حرق البو عجيل والدور وجرف الصخر، وتهديم مساجد المقدادية وجلولاء وسليمان بيك كان أبلغ وأمضى في بيان حقيقة هذه العلاقة الملتبسة.
إن على السنة العرب أن يكفوا عن إقناع أنفسهم بأن الشيعة يعتبرون إيران عدوة لهم، أو أنهم يرفضون تدخلها في الشأن العراقي، فهذه كلها أوهام ينسفها وجود أكثر من ثلاثين ألف مقاتل إيراني على الأرض العراقية باعتراف لجنة الأمن والدفاع البرلمانية.
إن إيران بالنسبة لمعظم الشيعة العرب هي جار شقيق تربطهم بها أواصر تفوق تلك التي تجمعهم مع الخليج والأردن على سبيل المثال، ولا يهم أن إيران قد قتلت من أبنائهم في حربها على العراق مئات الألوف، ولا يهم كذلك اضطهاد عرب الأحواز، وإفقارهم وسلب ثرواتهم، كل ذلك يهون في سبيل المذهب.
إن على العرب السنة أن يستفيقوا من أوهامهم ويعودوا لذاتهم التي خدروها لعقود بشعارات الوطنية، وأن يكوّنوا مشروعهم الخاص بهم كي يكون لهم مكان تحت الشمس، تعلموا يا سنة من شركائكم في الوطن من الشيعة والأكراد كيف صنعوا (هولوكوستاتهم) الخاصة بهم، والتي لا ترقى لعشر ما جرى للسنة بعد الإحتلال، لكنهم نجحوا في تسويقها وفشلنا لأننا ما زلنا نتعاطى نفس المخدر ونعلق خيباتنا وانكساراتنا على الخارج، وحين يكون لكم مشروع باسمكم ويمثلكم سترون كيف يتسابق لكسب ودكم وصداقتكم واحتضانكم الأعداء قبل الاصدقاء، ولكن.. يا ليت قومي يعلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.