من المهم أن يفضح وزير السياحة عبد الوهاب نوري، ما جرى ويجري في حظيرة دنيا بارك بالرياح الكبرى. ويرفع الغطاء على شيء من تلاعبات سابقه في القطاع، الذي بيّن الوزير كيف وزع مشاريع وقطع أرضية بطرق مشبوهة وموجهة لاستثمارات لا معنى لها، الإستمثار العشوائي في الفاست فود، مقاهي الأكواب الورقية التي لوثت المحيط. لكن ماذا بعد الكشف عن هذه الحقائق، فالقضية لم تفضحها صحافة "معادية" للحكومة، وتريد التنغيص على برنامج الرئيس مثلما كانت دائما التهم الموجهة للصحافة، عن حق أحيانا وعن باطل أحيانا كثيرة، فالذي فضح الوزير السابق هو زميل سابق له في الحكومة، وما الفائدة من إلقاء بحقائق من هذا الحجم إلى الرأي العام إذا لم تكن متبوعة بإجراءات وعقوبات، ومحاسبة للمتسبب فيها، فالرأي العام ليس بحاجة "لمرارة" إضافية ولم تعد أخبار الفساد المستشرى تهمه، مادامت تحطم المعنويات، ولن تغير في الأمر شيئا، فكل المتسببين في قضايا الفساد مازالوا في مناصبهم ولم تجرؤ حتى العدالة استدعائهم للرد على التهم الموجهة إليهم. فعمار غول الذي يتهمه الوزير نوري اليوم، حتى وإن لم يذكره بالإسم، هو الذي تلاعب بملف حظيرة الرياح الكبرى، لكنه لن يخشى شيئا، فقد أحيل بعد إبعاده من الحكومة على مجلس "الشورى" الذي هو مجلس الأمة، ليتمتع بحصانة برلمانية تحميه من أية محاسبة، هذا إن كان هناك من يجرؤ ويتحدث عن محاسبة. ماذا لو تفضل معالي الوزير وكشف عن قائمة المستفيدين من مشاريع التنمية السياحية على الطريقة "الغولية" التي لا تختلف عن مشاريع توزيع صفقات الطريق السيار زمن الرخاء والبحبوحة المالية، أكيد سنجد ابن فلان، وصهر علان، وبنت معاليه ووو.... وحتى هذه المعلومة لن تفيد كثيرا الرأي العام، الذي لم يعد في حاجة للمزيد من أخبار فضائح الفساد التي دمرت الإنسان الجزائري وأجبرته على الإستقالة من الشأن العام، وهذه أكبر الخسارات التي يمكن إلحاقها بالبلاد، تدمير الإنسان والقضاء على روح الأمل فيه والإيمان بالمستقبل. وليكن، فهل يكتفي نوري بالإدانة والسخط على ما جرى، فلا يكفي استرجاع قطع الأراضي الموزعة من فلان، إذا كانت ستوجه في المستقبل بنفس الصورة إلى آخرين، مقربين من هذا أو ذاك، ولن يكفي البكاء على "دنيا بارك" وقطاع السياحة منهار في كل الجهات الأخرى، فالشريط الساحلي الذي يقارب 1500 كلم، تحول إلى مفرغات عمومية، والشواطئ استولى عليها البعض، والبعض جردها حتى من رمالها، ولا فنادق بالمواصفات المقبولة لاستقبال السياح والمصطافين، ولا مطاعم محترمة، ولا أتحدث عن الأسعار التي تفوق راتب شهر متوسط الدخل في اليوم الواحد، فمشاكل السياحة والفساد في هذا القطاع لا يمكن حصرها في قضية واحدة، "دنيا بارك"، التي تبدو وكأنها قضية تصفية حسابات، وها هي الفرصة أمام نوري لبعث القطاع الذي وحده قد يعوضنا تبعيتنا لاقتصاد المحروقات ويمكن أن نأكل من ورائه ذهبا، خاصة وأن التنوع موجود بين شواطئ أزا وردية وصحاري ووحات ذهبية وجبال من أجمل ما جاءت به الطبيعة، فهذا هو التحدي الذي على نوري رفعه وليس الإكتفاء بفضح زميل له!