أعرب باحثون يعملون ضمن المؤسسة البحثية ”تيرا نوفا” بفرنسا عن أسفهم للتعقيدات التي يواجهها الإسلام في فرنسا، رغم أن النظام القانوني في هذا البلد، وخصوصا قانون 1905 حول العلمانية، ينص على ”معاملة جميع الأديان على نفس القدر من المساواة والحياد التام”. وتساءل الباحثون التابعون عن ”العقبات التي تحول دون اندماج الإسلام في سياق العلمانية الفرنسية”، لافتين إلى أن ”معظم الصعوبات الراهنة لا تتعلق مباشرة بالعبادة، وإنما بالمتطلبات الدينية التي تؤثر على التفاعل الاجتماعي العادي”. في وقت يصل عدد الجزائريين بفرنسا إلى 5 ملايين شخص وتعتبر أكبر جالية مسلمة هناك. وتابعوا: ”نتحدث كثيرا عن الإسلام، من خلال الإشارة، بطريقة فضفاضة وغير دقيقة في معظم الأحيان، إلى الآثار الثقافية للشعائر الدينية أو المظاهر العامة”. كما اقترحت المؤسسة، اعتماد يوم عيد الأضحى عطلة رسمية في البلاد، ضمانا لما اعتبرته ”تحريرا أفضل للإسلام في فرنسا”. جاء ذلك في تقرير للمؤسسة بعنوان ”تحرير إسلام فرنسا”، والذي تطرق من خلاله الباحثون إلى الترتيبات التنظيمية لأماكن العبادة وعلاقتها مع الدولة الفرنسية، سعيا نحو إعادة التفكير في مكانة الإسلام باعتباره ثاني الديانات في البلاد. واقترحت المؤسسة 6 نقاط أبرزها اعتماد يومي عيد الأضحى لدى المسلمين وكيبور (عيد الغفران) عند اليهود، عطلا رسمية، وإلغاء عيدي الفصح والعنصرة (مسيحيان). التقرير سلط الضوء بشكل خاص على ”رأي عام قلق من الاتجاهات الأصولية، ودولة تتحاور مع متقبّل ذي شرعية ضعيفة، ومؤمنين لا يشعرون بتمثيلهم، وجمعيات محلية غير منظّمة”. وتناولت المؤسسة البحثية بالدراسة الأطر القانونية والحكومية في فرنسا، لإعادة النظر في ”خصوصية” الإسلام مقارنة بالكاثوليكية أو اليهودية. وفيما يتعلق بالشؤون الدينية، قدّرت المؤسسة أن الدولة الفرنسية ”المتعوّدة على مخاطب واحد”، لم تتمكن من التوصل إلى النهج الصحيح للإسلام. كما انتقدت موقف فرنسا حيال الإسلام، والمتّسم بقلة اهتمام نسبي في ستينيات القرن الماضي، قبل اتخاذها خطوات لهيكلة حوار ”تظل محصّلته مخيّبة للآمال”، على حد تعبيرها. والشهر الماضي، أعلن تجمع محاربة ”الإسلاموفوبيا” في فرنسا، أن الأنشطة المتعلقة بمعاداة الإسلام شهدت تراجعاً بشكل مهم في عموم البلاد خلال 2016. وحذر التجمع من أن الإسلاموفوبيا التي تشكلت نتيجة سياسة محاربة الإرهاب المتبعة في فرنسا، أصبحت مشكلة أمنية تؤثر على المسلمين بالبلاد. وبحسب معطيات وزارة الداخلية الفرنسية، فإن عدد المسلمين في البلاد يبلغ نحو 5 ملايين شخص (من إجمالي 66 مليون عدد سكان البلاد)، منهم 5 ملايين جزائري مقيم هناك في حين يصل عدد المساجد فيها إلى 2500 يشرف عليها 1800 رجل دين. وتعتبر فرنسا الأولى في أوروبا من ناحية عدد المسلمين الذي يعود أصول أغلبهم إلى دول شمال إفريقيا.