يعتبر الأطفال على العموم والقصر على الخصوص فريسة سهلة بالنسبة للعصابات الإجرامية التي أصبحت تستغل براءتهم لتنفيذ مخططاتها في عمليات السرقة والمتاجرة في المخدرات حيث عرفت قضايا الأحداث في الجزائر السنوات الأخيرة ارتفاعا محسوسا ضمن الملفات القضائية المعروضة على العدالة، لأطفال استدراجهم إلى عالم الجريمة من أجل تضليل وتمويه عناصر الأمن. كما يتم استغلالهم في عمليات السطو على المنازل ومختلف العمليات الإجرامية ليجدون أنفسهم في الأخير وراء القضبان بسبب إغرائهم بالأموال. هي حالات عديدة تم تسجيلها ، ارتأينا سرد البعض منها مستوحاة من واقع مر ، فكانت البداية مع الطفل ” سمير” البالغ من العمر 13 سنة وهو يقطن بحي بلوزداد بالعاصمة استغله جاره في الخمسينات ، وهو أب لخمسة أطفال في ترويج المخدرات . يقول ”سمير” أن ” البداية كانت بإرساله لإحضار طرد من عند أحد الأشخاص بالرويبة دون درايته بمحتواه فكانت المكافأة ورقة من 1000 دينار ففتحت له أبواب عالم الإجرام على مصراعيه. لم يخف ”سمير” أن ” العوز كان سببا جعله يواصل الاقتراب من جاره الذي استغله بعد ذلك في ترويج المخدرات وتزويد زبائنه وإغرائه بالأوراق النقدية إلى درجة أنه أصبح يتنقل رفقة سائق ”كلوندستان” إلى كل الوجهات دون الاستفسار لأن المقابل سيكون بعض الأوراق النقدية التي ترفع عنه الغبن وتسمح له باقتناء حاجياته و كل رغباته ، خاصة و أنه لا يثير الشكوك أثناء المرور عبر حواجز الأمن. لكن الأمور لم تسر في صالح الشاب سمير حيث ألقي القبض عليه متلبسا وبحوزته كمية من المخدرات كان بصدد نقلها لأحد زبائن جاره ، فكانت عقوبته سجن الأحداث. حالة أخرى جد غريبة بطلتها الفتاة القاصر ” سمية” التي تبلغ من العمر 14 سنة تورطت في الاعتداء على جدتها العجوز البالغة من العمر 68 سنة، جندها عشيقها البالغ من العمر 21 سنة لتساعده على سرقة منزل جدتها. فدخلا المنزل وقيدا جدتها بشريط لاصق واعتديا عليها بطريقة وحشية وسببا لها عدة كدمات وجروح نجت منها بأعجوبة، لتمثل القاصر أمام قسم الأحداث وتدان بعقوبة سالبة للحرية، أما شريكها فمثل أمام محكمة الجنايات. الحالة الأخرى التي نتطرق إليها هي لطفل قاصر يدعى ” فوزي ” يبلغ من العمر 11 سنة استغلته عصابة خطيرة تتكون من أربعة أشخاص في تنفيذ مخططاتها الإجرامية التي كانت تستهدف سائقي سيارات الأجرة، حيث كانت تستعمله كحارس لتضليل عناصر الأمن، و تقوم بإرساله لمراقبة المكان أثناء تنفيذ عمليات الاعتداء ليتم ذكره في ملف القضية حين تم إلقاء القبض عليهم متلبسين بسرقة سائق سيارة بمحطة الخروبة .و كشف القاصر أن أحد أفراد هذه العصابة وهو ابن خالته عرض عليه فكرة الانضمام لعصابة تقوم بسرقة السيارات وتعتدي على سائقيها في أماكن معزولة على أن يقتصر دوره على مراقبة المكان والطريق. قضية أخرى أرعبت الرأي العام و كان أبطالها أطفال قصر جندتهم عصابة مختصة في الاعتداء على المارة بحي باش جراح، كانوا يهددون المواطنين بالأسلحة البيضاء من أجل الاستيلاء على هواتفهم النقالة وأموالهم. وبعد الشكاوي العديدة التي تقدم بها عدد من المواطنين تم إلقاء القبض على أحد المشتبه بهم ، ويتعلق الأمر بطفل قاصر ” سفيان ” في ال14 من العمر يقطن بحي بوروبة ، اعترف أن هناك أشخاص يستغلونه رفقة بعض أقرانه لسرقة المواطنين . واعترف القاصر أمام عناصر الضبطية القضائية أن ” عصابة إجرامية أجبرته رفقة اصدقائه على السرقة بالعنف وهو يستفيد من نسبة ضئيلة من تلك المسروقات، كما كشف عن أسماء أفراد العصابة وتم توقيف أحدهم واحالته الى محكمة جنايات العاصمة فيما أحيل القاصر رفقة صديقه على محكمة الأحداث. وتظهر من خلال تلك الشهادات مدى استغلال العصابات الإجرامية لبراءة الأطفال لتنفيذ مخططاتها الإجرامية مما يوحي بضرورة توخي الأولياء للحيطة والحذر ومتابعة أبنائهم ومراقبة تحركاتهم اليومية حتى لا يقعوا فريسة أو ضحايا عصابات الإجرام التي لا ترحم صغيرا ولا كبيرا ولا تفرق بين الخير والشر.