لم يتلق أي وزير للتربية في كل تاريخ الجزائر المستقلة الطعنات والانتقادات التي تتلقاها السيدة بن غبريط منذ توليها حقيبة هذه الوزارة، مع أنها بينت أنها الأكثر فهما لمشاكل المنظومة التربوية والأكثر دراية بالحلول اللائقة بها. زعيم حمس السابق الإخواني عبد الرزاق مقري وصفها أمس بالظاهرة (الفينومان) بل أكثر من ذلك تجرأ وشتمها حيث قال إنها لا تستحيي، وهي كلمة ذميمة في حق وزيرة تعمل بجد لتخليص المدرسة من الإيديولوجية الظلامية التي غرقت فيها عقودا من الزمن، فتحولت إلى مفرخة للفكر السلفي والإرهابي الذي اكتوت به الجزائر ولا تزال. أما أن وصفها بالظاهرة فهي حقيقة، لأنها رغم الطعنات التي تتلقاها مع كل دخول مدرسي ومع كل امتحان، بل طوال السنة، لم تنل من عزيمتها وإصرارها على أداء واجبها وهي تواصل رسالتها بكل ثقة في النفس. عيب أن تصف وزيرة بأنها لا تستحيي، وهي اساءة تعود على صاحبها قبل غيره، أم لأنها نجحت في تخطي كل الأزمات المفتعلة من قبل الإسلاميين الذين لوثوا المنظومة التربوية، ولم تكسرها كل العراقيل التي زرعها هؤلاء سواء في الإعلام أو في نقابات التربية الموروثة على ”السيت” الذي كان منضويا تحت جناح الحزب المشؤوم المحل، صارت لا تستحيي. لا تستحيي لأنها لم تلتفت للغط الذي افتعله الإخواني الآخر الذي يترأس جمعية العلماء المسلمين، الذي اشتكاها إلى الوزير الأول، ليس لأنها تبذل قصارى جهدها لإنجاح الدخول المدرسي وإبعاد المدرسة عن الصراعات السياسية، بل بسبب مشكلة تافهة، مشكلة البسملة، مثلما هي عادتهم، يختلقون مشاكل لها علاقة بالدين للتشكيك في عقيدة السيدة، فهم لا يهمهم مستقبل الأجيال ولذلك لا يطرحون المشاكل الحقيقية التي تواجهها المدرسة، ويستغلون كل فجوة لتأجيج الصراع وكسب مناصرين لهم على حساب مصير التلاميذ، ويدركون أنهم من خلال السيطرة على المنظومة التربوية مثلما نجحوا في ذلك عقودا هو الضمان الوحيد لخلق أتباع ومريدين للحركة الأصولية التي سجنت المجتمع في عصر ما قبل التاريخ. وصف الوزيرة بهذه الأوصاف الشنيعة، لا لشيء إلا لأنها خطر على مشروعهم التخريبي الذي دمر عقول الأجيال وجعل منهم قنابل موقوتة ستنفجر في وجوهنا في أي لحظة، ولأنها تريد بكل ما أوتيت من علم وعزيمة على تخليص المدرسة من مخالبكم. ليس غريبا أن يشتم الإخواني الوزيرة، فهذه سيرة أتباع التنظيم، لا يحسنون إلا الشتم ولا تخرج من أفواههم وأقلامهم إلا القذارة، وهذا دليل على مدى الحقد الذي يضمرونه لكل من يخالفهم الرأي، ولا نستغرب إذا ما تحول ذلك إلى أعمال إرهابية مثلما فعل الحزب المحل قبلهم.