تُعْلَن الجزائر اليوم و غدا و بعد غد رسميا عاصمة عالمية للبترول و الغاز في المنتدى الدولي للطاقة ال 15، و الذي تشارك فيه أكثر من سبعين دولة يخالجها الأمل في التوصل إلى توافق تاريخي يسمح بوقف انهيار أسعار هذه المادة الإستراتيجية التي تحوّلت إلى سلاح حقيقي لتصفية و ترتيب الحسابات الدولية و الإقليمية. المنتدى الدولي ينتظم بقصر المؤتمرات المشيّد مؤخرا، في أجواء احتفالية و بروتوكولية تعيدنا إلى زمن السبعينات من القرن الماضي أين كانت الجزائر التي أمّمت حقول بترولها و مناجمها، ملهمة الشعوب المكافحة من أجل الدفاع عن ثرواتها و مواردها الطبيعية و استرجاعها من بين مخالب الشركات المتعددة الجنسيات. و يشكل هذا الموعد العالمي الذي ينتظم أيضا على هامشه اجتماع غير رسمي لمنظمة الأوبيب، عودة قوية للجزائر في المحافل الدولية الهامة و على أرضها مهد النضال من أجل حقوق الشعوب المستضعفة، و الأكثر من ذلك طرح المقاربة الجزائرية للأزمة النفطية التي أخلّت بالموازنات العامة لعشرات الدول البترولية و وضعتها على حافة الإفلاس . و الجزائر بذلك تكون مركز الإقتصاد العالمي على مدار أيام يراهن فيها الخبراء المتفائلون على انتزاع التزام جماعي على أرض الجزائر من قبل أعضاء الكارتل النفطي من أجل التحضير لإتخاذ قرارات شجاعة في فيينا خلال نوفمبر القادم. الأكيد أن الجزائر كما يقول وزير الطاقة نور الدين بوطرفة لن تجمع بلدانا مثل إيران و السعودية من أجل تبادل عبارات الود أو إذابة الجليد الدبلوماسي المتراكم بمنطقة الشرق الأوسط الملتهبة بالصراعات، بل تكون خلال الإتصالات المكثفة و الجولات المكوكية بين مختلف العواصم المؤثرة ، قد انتزعت من الأعضاء الفاعلين إلتزاما مبدئيا بضرورة إحداث استقرار في الإنتاج و التوصل إلى أسعار توافقية مع المستهلكين على المدى القريب. الجزائر، البلد المضيّف، لن تكتفي فقط بتنظيم منتدى الطاقة و احتضان على هامشه اجتماعا غير رسمي للمنظمة النفطية، بل ستكون عضوا فاعلا في إقناع جميع الأعضاء و رغم تضارب المصالح بينهم، بأن الإستمرار في سياسة إغراق السوق العالمي بالمزيد من الضخ في ظل الإنكماش العالمي للإقتصاد و تنامي بدائل أخرى ، لن يخدم البلدان الأعضاء في شيء، و أن سياسة استعمال النفط كسلاح استراتيجي مع الوقت سيتضرر منها مستعملوها أكثر من البلدان و الشعوب الموجهة ضدها. و أرجع خبراء التفاؤل الذي أظهره وزير الطاقة خلال ندوته الصحفية الأخيرة عشية الموعد الدولي، إلى تطور ملحوظ في مواقف الدول الأعضاء سجّل في المدة الأخيرة، مقارنة بفترة الصائفة الماضية أين كان كل عضو من الأعضاء الرئيسيين يستبعد أي تجميد لحصص الإنتاج، بل يعمل على استدراك الخسائر الناجمة عن انهيار الأسعار إلى حدود دنيا. و ستواجه الجزائر ضيوفها الذين لبوّا الدعوة و أظهروا وعيا متزايدا بخطورة الوضع الذي ينذر بانهيار دول بأكملها على المدى القريب، بحجم الخسائر الرهيبة التي تتكبدها الدول المنتجة و المقدرة ب 500 مليون دولار يوميا، جراء سياسة التعنت التي تنتهجها الدول الأعضاء. أنظار العالم الإقتصادي موجهة على مدار ثلاثة أيام صوب عاصمة النفط التي نجحت في جمع خبراء البترول و الغاز و أعضاء منظمة أوبيب، و فتح نقاش دولي مسؤول حول كيفية وقف نزيف الأسعار، سيكون أرضية ملائمة لإتخاذ قرارات شجاعة في نوفمبر القادم.