يكتنف الغموض مستقبل الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس حيث أوصلت هذا البلد العربي إلى وضع اقتصادي واجتماعي وامني كارثي خاصة و ان تهديدات التنظيمات المتطرفة تتواصل في ظل غياب الحلول و المبادرات السياسية الناجعة لاحتواء الازمة. و قد أصدر المركز السوري لبحوث السياسات الذي استند إلى معلومات برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) تقريرا "مفزعا" عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني في سوريا حيث خلص إلى أن سنوات الحرب الاقتتال و تنامي العنف جراء سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) على مساحات واسعة جعل امال الخروج من الازمة تبدو ضئيلة. و قدر التقرير الخسائر الاقتصادية منذ بداية الحرب حتى نهاية العام الماضي ب 202.6 بليون دولار وهو ما يعادل تقريبا أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا عام 2010. و أفضى هذا الوضع حسب التقرير إلى فقدان أكثر من 12 مليون سوري مصدر دخلهم وأصبح حوالي اربعة من كل خمسة سوريين فقراء وبات ثلثا السكان في حال فقر شديد عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية. و بخصوص التعليم فهو شبه معطل ونسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم العام من إجمالي عدد الأطفال السوريين يصل إلى 50 في المئة والنصف الباقي خسر ثلاث سنوات من التحصيل الدراسي, و إذا استمرت حرب الاستنزاف في سوريا فإن الوضع في هذا البلد سيشكل سابقة في الكوارث الإنسانية يضيف التقرير. أوضاع امنية صعبة و محاولات النظام كبح شبح العنف وفي ظل تنامي موجة العنف جراء مواصلة تنظيم الدولة الاسلامية لهجماته قامت القوات الموالية للنظام السوري بشن هجوم في جنوبسوريا على منطقة "درعا" التي تعد تحت سيطرة المعارضة المسلحة وبعض الميليشيات المتطرفة مثل "جبهة النصرة". كما واصل الجيش السوري تقدمه نحو جنوبسوريا بقصف قرى "دير العدس" و"الدناجي" و "دير ماكر" و "تلال مصيح" و "مرعي" و "العروس" و "السرجة" من بين أماكن أخرى. مع ذلك افادت تقارير اخبارية بان هناك "هدوء يتسم بالتوتر" كان يسيطر على جبهة "دير العد" فيما أكدت التقارير أن النظام السوري قام بتكثيف هجماته على مدينة "درعا" باستخدام الاسلحة الثقيلة في الحي الجنوبي الذي يسيطر عليه المسلحون المعارضون. وبدأت العملية العسكرية على جنوبسوريا في وقت سابق من هذا الشهر من أجل عزل العاصمة دمشق عن مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة في منطقة "درعا" خاصة بعد تمكن المعارضة المسلحة الشهر الماضي بالاستيلاء على بلدة "الشيخ مسكين" التي تشكل قاعدة "اللواء 82". و حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فان عدة تنظيمات أكبرها "النصرة" سيطرت على مدينة "إدلب" بشكل "شبه كامل" عقب اشتباكات عنيفة استمرت نحو اربعة أيام مع القوات السورية والمسلحين الموالين لها. في المقابل اكد التلفزيون السوري ان الجيش خاض معارك شرسة في المدينة المذكورة وأوقف تقدم المسلحين من النواحي الشمالية والشرقية والجنوبية للمدينة و أن وحدات الجيش تخوض معارك ضارية لإعادة الوضع الى ما كان عليه. و يرى محللون سياسيون ان الوضع في بلاد "الشام "يتجه نحو الاسوأ خاصة و ان اشتباكات دامية تتواصل بين قوات النظام و التنظيمات المسلحة حيث لا يزال عناصر "جبهة النصرة "التابعة لتنظيم "القاعدة" يتحصنون في حي "بني زيد" وتقوم باطلاق القذائف بشكل مستمر على الاحياء السكنية التي يسيطر عليها الجيش السوري. ويأتي التصعيد في "حلب" بعد رفض مسلحي المعارضة المسلحة تطبيق خطة المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا بشأن تجميد القتال في حلب لا سيما وان الحكومة السورية أعلنت موافقتها وقف العمليات العسكرية مدة ستة اسابيع. دعوة عربية الى اتخاذ اجراءات جدية لانقاذ سوريا بالرغم من ان الاوضاع في اليمن خلال اشغال القمة العربية الجارية حاليا بمصر اخذت حصة الاسد نظر للتطورات المتسارعة في هذا البلد الا ان الازمة في سوريا شكلت احد انشغالات المشاركين حيث اكدت معظم التدخلات على ضرورة التعاون و التنسيق لاعتماد تصور عربي يفضي إلى إجراءات "جدية" لإنقاذ سوريا وصون أمن المنطقة. كما شددوا ايضا على استمرار الدفع إزاء الحل السياسي لوقف نزيف الدم وبما يحفظ وحدة الأراضي السورية ونسيجها الوطني تحت مظلة الدولة المدنية "الحاضنة لجميع السوريين". و اعتبر قادة الدول المشاركة على انه" لا بد من التعامل مع الأزمة السورية من زاويتين رئيسيتين الأولى دعم تطلعات الشعب السوري لبناء دولة مدنية ديمقراطية والثانية هي التصدى للتنظيمات الإرهابية التي باتت منتشرة والحيلولة دون انهيار مؤسسات الدولة السورية. كما اكدوا على الدعم الكامل للجهود الدولية الهادفة لإيجاد تسوية سياسية لهذه الأزمة التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى و تسببت في كارثة انسانية غير "مسبوقة".