تفضل بعض العائلات الوهرانية خلال شهر رمضان إقتناء الأطباق الجاهزة للإفطار حيث إنتعش هذا النوع من التجارة التي لم تكن معروفة البتة وأدخلت في قاموس هذا الشهر الفضيل. ويعرف لدى الجزائري بصفة عامة خلال هذا الشهر بتفضيله الأكل البيتي من أيدي زوجته أو أمه أو قريباته فرمضان هو الشهر الذي يتم فيه لم شمل العائلة على طاولة تتشكل من أطباق مختلفة تفننت نساء البيت في إعدادها. إلا أن التسارع الذي عرفه المجتمع و خروج النساء للعمل جعل بعض التصرفات الجديدة تجد مكانا لها بين العائلات خلال شهر رمضان وجعلتها تغير من عاداتها فأصبح البعض يتقبل و"لو مكرها" فكرة اقتناء طبق جاهز من محل لبيع الأكلات التقليدية الخاصة أو لدى نساء ماكثات في البيوت طلبا للراحة وتوفيرا للجهد والوقت. وبعد أن كان الإقبال على الحلويات الرمضانية مثل قلب اللوز أو الشامية و القطايف و البقلاوة و غيرها صارت العائلات الجزائرية تبحث أيضا خارج البيت عن الحريرة و الشوربة وطاجين الزيتون والمثوم وغيرها من الأطباق التي لا يستغنى عنها خلال الشهر الكريم. العمل وراء انتشار الظاهرة و بسبب انعدام الإقبال نهارا تحولت بعض المطاعم بوهران إلى محلات لبيع الأطباق الجاهزة يحضر فيما كل ما يخطر ببال الصائم من أصناف من شوربات و سلطات مختلفة وبوراك بأنواعه و طواجن تقليدية بمختلف أنواعها و حتى الحلويات. و مع قرب الإفطار يصبح أحد مثل هذه المطاعم الموجود ببئر الجير قبلة للعديد من الشباب و العائلات على حد سواء. وتقول السيدة حواء في العقد الرابع من العمر أنه مع أعبائها المهنية و العائلية كونها مديرة في إحدى الشركات الوطنية وأم لأربعة أطفال فإنها في بعض الأوقات التي لا تنهي عملها باكرا لذا تستعين ببعض الأطباق الجاهزة من هذا المطعم معتبرة الأمر "لا عيب ولا حرام بل كوني أما عاملة ونشيطة يجعلني في بعض الأحيان أتأخر في العودة إلى المنزل إلى ما قبل الإفطار بقليل وهذه الطريقة ساعدتني كثيرا على أن أبقي ولو قليلا +بنة+ رمضان". ومن جانبه ذكر فريد و هو إطار في احد البنوك في الثلاثينات من العمر أنه يعيش بمفرده بوهران وعائلته بأكملها بالعاصمة فيجد ضالته خلال الشهر الكريم في هذا المطعم و في بعض الأحيان يأخذ بعض الأطباق ليفطر في بيته فيما يبقى في أحيان أخرى ليفطر في المطعم حتى يحس باللمة العائلية التي اشتاق لها. أما سعاد فتعترف أنها لا تجيد الطبخ و لانها في سنتها الاولى من الزواج لا تريد أن تحرم زوجها من رائحة رمضان فتلجأ لطلب بعض الأطباق الجاهزة من هذا المطعم قائلة بهذا الخصوص "زوجي يؤيدني في هذا الأمر فأنا لا أريد له أن أحرمه من رائحة رمضان مع وعد أن أتعلم الطبخ لرمضان القادم إن شاء الله". و تعرض بعض الأصناف بأسعار تتراوح بين 250 و 300 لطبق الشوربة او الحريرة وما بين 300 الى 400 دج للأطباق التقليدية كطاجين الحلو والمثوم وغيرها. نساء يطبخن لأخريات خلال رمضان و من جانب آخر و لمساعدة أزواجهن ماديا تقوم بعض ربات المنازل بتحضير العديد من الأطباق التقليدية الجاهزة بالطلب من نساء أخريات عاملات أو غير عاملات. و في هذا الصدد تقول خالتي جميلة الساكنة بحي "ايسطو" أنها أن بدأت ذلك على سبيل التجربة السنة الماضية بصنع أنواع مختلفة من الخبز والشوربة إلا أن التجربة نجحت بالفعل وكان كسبها المادي معقولا جدا و"عاودت الكرة هذه السنة مع إدخال أصناف أخرى من المأكولات حسب طلب زبوناتي اللاتي يمثلن في أغلب الاحيان جاراتي ونساء حيي و حتى الأحياء الأخرى". تقول خالتي جميلة انها لدواعي التنظيم الجيد لهذه العملية تتصل ب"زبوناتها" في الليل لتأخذ طلباتهن من الأصناف معتبرة أن تطبخ حاليا لأكثر من 25 عائلة يوميا وهو عدد جد معقول بالنظر إلى أنها طباخة أعراس لها من التجربة ما يجعلها تطبخ لأكثر من ذلك. و من ناحية أخرى استرعى الانتباه صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لتحضير الأطباق الجاهزة و الحلويات بوهران تديرها سيدات تقدمن الكثير من الأطباق التقليدية و العصرية على حد سواء مع وضع أرقام هاتفية للطلب و للتوصيل. المأكولات المحضرة في المنزل أكثر صحية و مع استحسان البعض لهذه الظاهرة يرفضها البعض الآخر رفضا مطلقا معتبرين بأن صحة الفرد على المحك لأنه لا يعلم كيف تم تحضير هذه الأطباق الجاهزة. و في هذا الصدد اعتبرت السيدة كريمة أنها لا تقبل بأي حال من الأحوال أن يأكل أولادها خلال رمضان طبقا لا تعرف مصدره "فالمطاعم تحضر الوجبات بالمنتجات المجمدة و لا يعرف الشخص لا مصدرها و لا تاريخ صنعها و لا نهاية صلاحيتها". و اردفت قائلة "أفضل أن يأكل أولادي طبقا واحدا خفيفا من صنع يدي على أن يتجمعوا على طاولة مليئة بالأصناف غير الصحية". أما بالنسبة لرفيق وهو طالب جامعي في السنة الخامسة فإعتبر أن هذه الأطباق غير صحية و يمكن أن تحمل خطر التسممات الغذائية بالمرة لأنه لا يعلم شروط أو ظروف حفظها كونها سريعة التلف خاصة خلال موسم الصيف إضافة إلى استعمال الزيوت لأكثر من مرة و هو ما يؤدي بالتأكيد إلى مشاكل صحية جمة.