عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    سنعود أقوى وبدعم من الجمعية العامة من أجل العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    عطاف يجري لقاءين ثنائيين مع نظيريه البرازيلي و الاردني بنيويورك    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    مجلس الأمن يخفق في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش يحضر جانبا من تدريبات النادي الرياضي القسنطيني    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    كاس الجزائر أكابر (الدور نصف النهائي): مولودية الجزائر - شباب قسنطينة بدون حضور الجمهور    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 33 ألفا و 970 شهيدا    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    فايد يشارك في أشغال الإجتماعات الربيعية بواشنطن    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    الجهوي الأول لرابطة باتنة: شباب بوجلبانة يعمق الفارق    سدراتة و«الأهراس» بنفس الإيقاع    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    توزيع الجوائز على الفائزين    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    من يحرر فلسطين غير الشعوب..؟!    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    دعوة لضرورة استئناف عملية السلام دون تأخير    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جانت، بعيون الواقع و انتظار النماء المأمول!
نشر في الجلفة إنفو يوم 27 - 12 - 2011

في كل مرة يذكر فيها كلمة جانت ، يذهب بنا التفكير مباشرة إلى الجانب السياحي والصحراء الشاسعة الخلابة ، لكن يخطئ الكثير من يعتقد أن مدينة جانت هي عنوان كبير للسياحة والمناظر الخلابة، وقبلة للسيّاح وخاصة الأجانب .
فالحقيقة غير ذلك، حيث أن كل من كتب في السابق عن هذه المنطقة ، تجاهل المدينة وركّز على المناطق السياحية المتاخمة لها، وحتى تحقيقات التلفزة لم تنصفها ، ربما لأن بعض من ذهب هناك من نساء ورجالات الصحافة ، ذهب في زيارات رفقة وفود رسمية وفق برنامج مسّطر سلفا،أي زيارة سياحية، فمن أكل للمشوّي، إلى سهرات لشرب شاي الصحراء والتمتع بالنغم والرقص الترقي، أو في زيارات قصيرة اقتصرت على إطلالة خفيفة على ما تزخر به صحاري جانت من آثار ونقوش حجرية .
زيارتنا للمنطقة والتي دامت لأكثر من أسبوع ،هي جولة للقارئ بدون تذكرة ولا تنقل ، هذه الزيارة ، سمحت لنا بالتجوّل في أغلب شوارع المدينة وبعض النواحي والاطلاع على حياة سكانها، والتكلم مع مختلف مكونات التركيبة البشرية ، وخاصة البسطاء الذين يتكلمون بقلب مفتوح وبعفوية، صفة قلّما نجدها في منا طق أخرى.
الفلاحة...و انعدام آبار مياه السقي

بداية التحقيق كانت مع قطاع الفلاحة، حيث الأراضي العذراء المتميزة بالخصوبة ، هذا القطاع الحساس الذي لا تعرف منه المنطقة إلا الاسم ، باستثناء الاستثمار الفلاحي لأحد الخواص الوافدين من مدينة غارداية ،المدعو قمبار، والذي لا يغطي سوى الاستهلاك الذاتي لصاحب المستثمرة ، وأحيانا يتصدق من المنتوج على الفقراء حسب ما حدثونا عنه، أو محيط الاستصلاح في منطقة تيغرغرت ، وهو محيط في طور التهيئة لمنحه للمستفيدين، والمتواجد بالمحاذاة من طريق مطار جانت الذي يبعد عن المدينة ب 30 كلم، وهنا وقفنا على تذمر بعض الشباب العاطل عن العمل الذين التقينا بهم ، بسبب الغموض في عملية تعيين المستفيدين ، حيث رفضت إدارة الفلاحة استلام طلبات الاستصلاح بدون أن تعطيهم أسباب واضحة لذلك . وفي هذا المجال ، تكمن معاناة سكان مدينة جانت ونواحيها في أنهم باتوا ومنذ أمد طويل ، رهينة لما يأتيهم من ولايات الشمال الشرقي كولاية المسيلة وولاية باتنة من خضر وفواكه ، أما عن السعر فحدث ولا حرج، ونكتفي بمثال عن سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا باعتبارها أكلة رئيسية، إذ يصل السعر إلى 80 دج، وإذا حصل وأن تخلفت الشاحنات عن القدوم بسبب الأحوال الجوية أو حالة الطريق المتدهورة جزئيا، سواء الرابط بين ولاية ورقلة وجانت مرورا باليزي مقر الولاية والذي مسافته 1455 كلم ، أو الرابط بين اليزي وجانت بمسافة 400 كلم وهو طريق يشهد أشغال التزفيت، فما على السكان سوى الاكتفاء بالماء والخبز حتى إشعار آخر.
إنها فعلا معاناة سببها الرئيس هو انعدام آبار مياه السقي، والنوم العميق لمسؤولي الفلاحة على مستوى الولاية ، وبالرغم من أن مدير الفلاحة ابن المنطقة ، ولكن لا حياة لمن تنادي! كما يعيب عليه أبناء بلدته، وريثما يستفيق صاحبنا ، فعلى السكان الصبر ومواصلة الاستيراد.
معناة التنقل اليومي...و للشباب احتياجات...

هذا عن الفلاحة باختصار،أما عن ما زاد في تعطل التنمية في المدينة ، هو موقع المدينة فهو موقع لا تحسد عليه، حيث توجد نسبة 75 بالمائة من السكنات تقع فوق جبال صخرية ، نتيجة وجود المدينة في تضاريس وعرة مما يصعب عملية التنمية ، فوجودها بين هذه الجبال المجاورة لجبال الطاسيلي ناجر، وواد اجريو، جعل السكان يعانون في التنقلات اليومية وخاصة إذا كانوا محملين بحاجياتهم، وتتكون مدينة جانت من خمسة قصور أو أحياء هي : إن ابربر، ازلواز، الميهان ، اجاهيل وتينخاتمة، وحي جديد اسمه ايفري حيث يوجد مستشفى المدينة، ومع مرور الزمن ، عرفت هذه الأحياء توسعات مسايرة مع النمو الديموغرافي للسكان، كما يوجد في وسط المدينة مفرزة للحرس الجمهوري غير بعيدة عن الاقامة الرئاسية . ودائما عن ما تزخر به المدينة ، كان للزوايا تواجد في القديم لكن مع مرور الزمن اندثرت ، منها الزاوية القادرية في قصر ازلواز ، والزاوية السنوسية في قصر اجاهيل، غير أن هناك بعض المدارس القرآنية المحاذية للمساجد مازالت تعمل على تحفيظ كتاب الله للأجيال.
الشارع الرئيسي لمدينة جانت
إن ما يلاحظ من الأشياء الايجابية هو توفر الماء الصالح للشرب في كل أحياء المدينة ومصدر هذا الماء هو جبل كنفة الموجود على مشارف المدينة وبذلك هناك اكتفاء وجل الأحياء مزودة بالمياه ، ومن قال أن جوف الصحراء يعاني العطش!
أما عن قطاع النقل ، فعلى العموم لا يوجد مشكل يذكر ، حيث تتوفر حافلات النقل وسط المدينة وبين الدوائر إلا أنه لا توجد وسائل نقل بين المطار والمدينة ، وهنا لا نجد سوى سيارات الخواص الذين يعملون بطريقة غير قانونية، مما جعل السكان يطالبون مديرية الخطوط الجوية الجزائرية بتغيير أوقات الرحلات الجوية من جانت إلى العاصمة والعكس ، فالرحلات مبرمجة في الهزيع الثاني من الليل ، مما ينتج عن هذا معاناة المسافر الذي يصل ليلا ، فلا يستطيع أن يغادر مطار العاصمة أو مطار جانت حتى طلوع النهار.
المسجد الكبير لجانت

ومما يلاحظ عن قطاع الشبيبة والرياضة ، وجود دارين للشباب هما المتنفس الوحيد لشباب المدينة حيث تتوفر على قاعات الانترنيت ، والصناعة التقليدية والموسيقى والفلكلور، ويشتكي الشباب من انعدام فرع اللغات والمسرح ، ونقص المسابح ، باستثناء المسبح الوحيد خارج المدينة والذي يفتح أبوابه شهرا واحدا في الصيف ،وبقية الأشهر مغلق بدواعي الترميم أو التنظيف ، وهي معاناة حقيقة باعتبار أن الشباب يتعذر عليه التنقل إلى المدن الساحلية ، فتذكرة الطائرة ثمنها يقارب 30000 دج ، أما عن التنقل عن طريق البر فمن شبه المستحيل ، حيث أقرب ولاية ساحلية تبعد عن جانت وبالضبط ب 2235 كلم وهي العاصمة مرورا بورقلة ، ولكم أن تتصوروا الوضعية مع حرارة صيف الصحراء وغلاء المعيشة والفقر، هذا الثالوث الذي ينغص حياة سكان الجنوب على العموم، دون أن ننسى عدم وجود أماكن التسلية والملاعب والتي يطالب بها الشباب لتمضية أوقات فراغهم على غرار الولايات الأخرى، وهنا يتخوف السكان من انجراف أولادهم إلى الانحراف وتعاطي المخدرات باعتبار أن للمنطقة حدود مع النيجر وليبيا وهي منطقة حدودية حساسة تعج بعصابات التهريب .
الصحة: قطاع عام ...وفقط

ومن جانب آخر، وعن قطاع الصحة ، فبالإضافة إلى المستشفى الوحيد ، تتوفر المدينة على وحدات صحية ، في بعض الأحياء ، بيد أن ما يشتكون منه في هذا القطاع هو عدم استعمال جهاز السكانير رغم توفره فلا يوجد من يشغّله ، وبالتالي لا فائدة منه ، حيث يقطع المرضى وذويهم آلاف الأميال لإجراء الفحوصات والأشعة وبأثمان باهظة، ومن النقائص كذلك عدم وجود أخصائي طب العيون إذا ما علمنا أن هذا الاختصاص مطلوب جدا في المناطق الصحراوية، وعندما سألنا عن هذه الوضعية ، أجابنا بعضهم أن في كل مرة ترسل الوصاية طبيب العيون للمستشفى يغادر عند الانتهاء من الخدمة والتي مدتها عامين ، وهم يطالبون من الوصاية التكفل وبشكل عاجل بمشكل مشغّل السكانير وبتوفير أخصائي العيون بصفة دائمة ، والغريب في الأمر ، أن في مدينة جانت لا وجود للأطباء الخواص، فالفضل يرجع للقطاع العام ، وهم على العموم لا يشتكون من الخدمات باستثناء ما ذكرناه آنفا.
افتقار للإستثمار...

ومن النقائص وجود سوق شعبي يختلط فيه النشاط التجاري في محلات من القصدير والزنك ، مكان نجد فيه الصناعة التقليدية والأواني المنزلية إلي جانب المواشي، كل هذه النشاطات تمارس فوق الرمال ولا وجود للأرصفة، ودائما مع النشاط التجاري ، يلاحظ قلة المحلات التجارية ومحلات الخدمات من مطاعم ومقاهي ، بالنظر إلى أن المنطقة سياحية وهي وجهة الأجانب ، إلا أنها لا تتوفر على 3 مطاعم صغيرة وغير مهيأة وغير نظيفة و3 مقاهي هي الملجأ الوحيد للشباب البطال بالإضافة إلي تجمعهم في مقر البلدية وأغلبهم بدون مصلحة . وما عدا هذا فلا وجود للاستثمار ولا للوحدات الإنتاجية ولا للمركبات ، وهذا ما يزيد من تفاقم شبح البطالة ، حيث أن الكثير من الشباب البطال عبروا لنا عن استياءهم نظرا لقلة المناصب والحصة المخصصة لجوهرة الصحراء وواحتها الجميلة ، مما جعلهم يصبّون غضبهم على مسؤول الوكالة المحلية للتشغيل متهمينه بالمحاباة وسوء التسيير، فإرضاء الناس غاية لا تدرك كما يقال في القول المأثور، كما يطالب سكان حي إن ابربر ببناء متوسطة بسبب بعدهم عن المدينة، ومركز للبريد ، حيث تتوفر مدينة جانت على مركزين ، الأول في وسط المدينة ويحتاج إلى توسعة وتهيئة وهو غير نظيف يقابله تفاني عمال الشبابيك الذين يؤدون عملهم في صمت، والثاني متواجد في حي ايفري.
سوق جانت
طرق في حاجة إلى تعبيد...و حصص إضافية في السكنات

التكلم عن ما تحتاجه مدينة جانت ، يجرنا إلى التكلم على قطاع الأشغال العمومية ، فالبرغم من الأموال التي رصدتها الدولة لانجاز الطريق الرابط بين عاصمة الولاية اليزي ومدينة جانت المقدر ب 400 كلم ، إلا أن الأشغال كانت تسيير ببطء كبير إلى حين قدوم الوالي الجديد مع رئيس الدائرة ، حيث أعطيّا دفعا قويا من خلال المتابعة الصارمة لمؤسسات الانجاز, وبالحديث عن مشكل الطريق ، عبّر الكثير من السكان عن ارتياحهم لهذه المتابعة ونوهوا بالإجراءات المتخذة ، ويأملون من الوزارة الوصية تخصيص مبلغ مالي لتهيئة طريق ثاني بين اليزي وجانت متاخم للحدود الليبية وهو أقل مسافة من الطريق الحالي موضوع الأشغال، إلى جانب تعبيد الطريق الوحيد الذي يربط جانت بولاية تمنراست والمقدر بمسافة 700 كلم ، وهو طريق ريفي صعب المسالك لا تسلكه إلا سيارات الدفع الرباعي وتعتمد فيه السيارات على علامات قديمة تركها الاحتلال الفرنسي, كما يبقى الطريق الريفي الرابط بين جانت وولاية ورقلة بدون المرورعبر اليزي مغلقا لدواعي أمنية .
وبالنسبة لقطاع السكن ، فان ما يلاحظ هو النقص الكبير في الحصة الممنوحة لبلدية جانت ، فما هو في طور الانجاز لا يلبي حاجيات طالبي السكن ، ولذلك يطالب أهل جانت من والي الولاية بتخصيص حصة إضافية لتغطية العجز، لكن ما يعاب على مسؤولي التعمير والسكن ، هو البناء بالقوالب الإسمنتية والتي لا تصلح لطبيعة المنطقة ، باعتبار أن المنطقة هي منطقة صخرية وتتوفر على المحاجر ، فكان من الأولى البناء بهذه المادة غير المكلّفة ، والشيء الأخر ، وهو عدم مطابقة الأسعار التي تستلم بها المقاولات المشاريع مع الأسعار في السوق ، فالسعر يحسب على أساس أسعار الشمال وهذا غير مقبول ويساهم في عزوف المقاولات عن المشاركة في المناقصة، وهنا لا يفوتني أن أسجل ثناء السكان على رئيس دائرتهم ، حيث أنه من كثرة التفاني هو رئيس ورشة ورجل ميدان،وعلى سبيل المثال ، فقد قيل لنا أنه قد وضع حدا للفوضى والمضاربة والمحسوبية التي كانت سائدة قبل مجيئه في ما يخص توزيع الاسمنت ، العملية التي عرفت فضائح في الشرق والوسط ، حيث تدخل ووضع خطة وجعل كل الطبقات تستفيد بطريقة عادلة وخاصة الطبقة المحرومة.

السياحة...الإبداع الإلهي و النزوح الليبي

التطرق إلى أهم القطاعات، يحتّم علينا التكلم عن قطاع السياحة، أهم قطاع في المنطقة، والذي يعّد المورّد الوحيد لأهل الصحراء، والبداية تكون مع زيارة لمتحف الآثار بوسط المدينة والذي من المفروض أن يشهد حركة الزوار في آخر السنة ، فترة العطل ، لكن ما حصل غير ذلك ، فلا وجود للزوار ، وعند زيارتنا له ، وجدناه معد بطريقة تقنية ، حيث يحتوى على نماذج من الآثار التي تزخر بها منطقة التاسيلي موضوعة في صناديق من الزجاج ، إلى جانب بعض المجسمات التي تبرز الصناعة التقليدية والحلّي واللباس، لكنه يفتقر لخريطة كبيرة توضح حدود المنطقة ونبذة عن تاريخها والمراحل التي تعاقبت عليها ، كما لا يوجد مكان للغة العربية واللغات الأخرى، عدا اللغة الفرنسية مع الأسف ، رغم أن أغلب السياح من ألمانيا وبريطانيا وحتى اسبانيا ، وداخل هذا المتحف الصغير لا يسمح بأخذ صور لكل ما هو موجود ، لا للأجانب ولا للزوار الجزائريين ولما سئلنا لماذا يمنع الجزائريون ، قيل لنا أن بعضهم يبيعون هذه الصور إلى الأجانب ، وقبل المغادرة يجب تسجيل المعلومات الشخصية وبالفرنسية في دفتر موجود عند الحارس و لا وجود للسجل الذهبي لتسجيل الانطباعات .
ومما يؤسف له هو الصورة السوداء التي بثتها في فرنسا عن المنطقة ، بأنها منطقة غير آمنة ، وينصح بعدم التوجه إليها ، وبذلك أدخلت الوكالات السياحية المحلية في بطالة، كما أن عزوف شركات التأمين في أوروبا عن تأمين السياح عند سفرهم للجزائر، جعل الوكالات السياحية الأجنبية لا تجازف في تحمل المصاريف والمخاطر، هذه الأسباب دفعت بأهل المنطقة إلى انتظار تغيّر الأوضاع نحو الأحسن ، مع العلم أننا صادفنا بعض السياح الأجانب جاؤوا بسيارتهم الرباعية الدفع، لكن عددهم كان قليلا، والحقّ يقال أن البلد آمن ، ولا ينقصه إلا السياح ، وأن نعرف كيف نروّج لسلعتنا.
أما عن الفنادق الأربعة المتواجدة وهي للخواص ، فهي فارغة تنتظر من يزورها رغم توفر وسائل الراحة ، وتتراوح أسعار الغرف من 2500 دج حتى 6000دج، ولا تستغربوا أن تجدوا في أحدها حمام للسونا والتدليك .
ويمكن للسائح اختيار قضاء يوم كامل مع تناول وجبة الغذاء على حسابه في الصحراء ب 5000 دج على متن سيارة رباعية الدفع وسائق مرشّد، يزور فيها أكثر من أربعة محطات آثرية ، وهي ترينراس، تيهراموين، سلسلة رمال عرق أدمر ، ايمورودان ، أساسو ، تيلالين ، وانوقلو ، تيكوباوين ، وأخيرا موقع البقرة الباكية ، ويقال أن اسم البقرة الضاحكة مأخوذ من هذا الموقع لكن تم تغييره من البكاء إلى الضحك ، لعلهم لا يريدون بيع منتوج يحمل في طياته البكاء، ويريدون للمستهلك أن يضحك مع تفننهم في والاحتكار ورفع الأسعار.
أما من يريد أن يزور جبال التاسيلي ناجر ومناطق سياحية أخرى من الإبداع الإلهي ، فعليه الإقامة لمدة لا تقل عن أسبوع في فيافي الصحراء تقطع فيها مسافة بالسيارات وبعضها على ظهور الإبل والحمير، ومسافة أخرى مشيا على الأقدام، مع أخذ المؤونة واللبّاس المناسب في الشتاء لأن برد المنطقة قارص ليلا، وبشأن التكاليف يجب الاتفاق عليها مسبقا مع الوكالة السياحية المنظّمة للرحلة.






صخرة على شكل فيل - صحراء جانت
آثار البقرة الضاحكة

بعض النقوشات الحجرية بمنطقة جانت
وفي سياق مختلف، وبالنظر إلى الأحداث التي عرفتها ليبيا الشقيقة، فلقد عرفت المنطقة نزوحا رهيبا من طرف العائلات الليبية هروبا من الجحيم في الأيام السابقة ،حيث امتلأت الفنادق عن آخرها ، وحتى العائلات الجزائرية فقد كانت في مستوى الضيافة المعهودة التي يعرف بها المجتمع الجزائري، ومع عودة الهدوء إلى ليبيا نوعا ما ، شرع النازحون في العودة تدريجيا، وهن تجدر الإشارة إلى أن العلامة الكاملة ترجع إلى الأسلاك الأمنية بالمنطقة بمعية سلطات الدائرة نظير ما قدموه من مجهودات جبارة للتكفل بالنازحين وإعطاء الصورة الحسنة للدولة الجزائرية في هكذا ظروف رغم شساعة المنطقة التي تبلغ 1000 كلم كحدود مع ليبيا.
تلكم كانت زيارتنا لمدينة جانت ونواحيها ،وهي دعوة لاكتشاف ما حبانا الله به من طبيعة وموروث ثقافي ومعالم فريدة من نوعها في العالم ، وهي أيضا زيارة وقفنا من خلالها على واقع الانجازات التي تستحق التنويه، والنقائص التي تتطلب تدخلا عاجلا من السلطات العليا بتخصيص برامج خاصة للتكفل ولتحسين حياة السكان اليومية، فإرادة وعزيمة بعض المسؤولين موجودة وعلى رأسهم الوالي ورئيس الدائرة ولا يبقى إلا دعم المنطقة بالبرامج والوسائل، فهل من تجاوب وتحرك سريع؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.