بعد سنتين كاملتينو عكفت خلالهما لجان مختصة وأبرز أساتذة الطب في الجزائر، على مراجعة نظام تدريس العلوم الطبية في الجزائر، الذي لم يخضع لإعادة النظر منذ العام 1971 وفق ما أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، تقرر تطبيق الإصلاحات المتوجة لها، بدءاً من الدخول الجامعي 2018 / 2019. عرض، أمس، الأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي محمد صالح الدين صديقي، نتائج دراسة تخص إصلاح هيكلة التكوين في الطب ومحتوى برامجه، التي استغرقت سنتين كاملتين، ومن المرتقب تطبيقها في السنة الجامعية 2019/2018، على أن تخصص السنة الجامعية الجديدة لتهيئة الأرضية والظروف لإنجاحها. لعل أهم النقائص التي وقفت عليها الدراسة، النقص المرتبط بالتكوين البيداغوجي، أو ما يخص عوامل مرتبطة باحتياجات قطاع الصحة بعد التحول في نوع الأمراض المنتشرة. إلى ذلك، تم تسجيل نقص في المؤسسات التي يقيم بها الطلبة تربصاتهم الميدانية، ما أفقد التكوين الميداني قيمته. كما أشار إلى أن نوعية التكوين وكذا التخصص لم يعد يلبي الاحتياجات؛ ذلك أن النظام المعتمد منذ قرابة 5 عقود، لم يعد يتمشى مع الأمراض المنتشرة، لاسيما وأن نوع الأخيرة اختلف تماماً عن السابق. واستند ذات المسؤول، إلى أرقام قدمتها المنظمة العالمية للصحة في العام 2015، تشير إلى أن 14.2 من المائة من الجزائريين يعانون من أمراض مزمنة، وإلى تسجيل ما لا يقل عن 54 ألف حالة سرطان سنويا، إلى جانب تطور معدل العمر، الذي ساهم بدوره في بروز أنواع جديدة من الأمراض مرتبطة بالشيخوخة، كلها أمراض تختلف عن تلك التي كانت منتشرة في آخر مراجعة لنظام التكوين الطبي والتي تكاد تختفي، على غرار السل والأمراض المعدية. ووفق ما أكد الأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فقد ارتأت اللجنة الإبقاء على المكاسب المحققة وكذلك تراكم التجربة، مفضلة مراجعة النظام بدل الإصلاح الذي يقوم على القطيعة مع النظام السابق؛ مراجعة ستكون تدريجية وتقوم على المقاربة عن طريق الكفاءات وتعزيز اللغات، لأن الطلبة يعانون من مشكل حقيقي، لمزاولتهم الدراسات العليا في هذه التخصصات بلغة أجنبية لا يتحكمون فيها أساسا. من جهته، ذهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في نفس الاتجاه، مؤكدا أن العلوم الطبية تغيرت تغيرا مثيرا في محتواها وتعليمها، موازاة مع التغير الكبير في المجتمع الجزائري، ما يفرض مراجعتها لمواءمتها مع المستجدات والتغيرات، مقرا بأنه كل ما تم القيام به منذ عدة أعوام لا يعدو أن يكون مجرد تحسينات فقط، لم تعد تفي بالغرض.