أحميم عراب من مواليد 1946 بتقومنت عزوز بولاية تيزي وزو، فنّان شامل متعدّد المواهب، يجمع بين الكتابة والبحث في قضايا تهم البيئة، المجتمع والمرأة، له تجربة في الكتابة والإصدار، لكنه يبدع بروعة وتميز في النحت على الحجر، التي بدأت تلقى صدى كبيرا خلال المعارض التي ينظمها أو يشارك فيها. هذه الموهبة التي فتح لها العنان بعد خروجه من الحياة العملية إلى التقاعد، فكانت بمثابة طوق نجاة له من روتين الملل والبطالة، بعد حياة عملية حافلة تقلّد فيها العديد من المناصب والمسؤوليات، مكّنته بحكم التواصل والاحتكاك المستمر مع الناس من تنمية موهبة الاستماع للآخر، والملاحظة الدقيقة للأشياء والوقوف على أدق التفاصيل، الأمر الذي انعكس إيجابا على جودة وتميز أعماله الفنية. فقد طوّر أحميم عراب مع الوقت تقنياته وأسلوبه في النحت على المواد الطبيعية ومن بينها الحجر، فأنتج أعمالا فنية رائعة تعدت الأربعين 40 تحفة، لكل واحد منها اسم وقصة خاصة به، تصب معظمها في أسرار الطبيعة، الغناء وأوجه الحياة في المجتمع المختلفة وحكاياته المتفرعة. تتعدّد من خلال هذه الأعمال المواضيع والأشكال والألوان التي أرادها الفنان مسايرة للعصر والمجتمع والتحولات التي نعيشها، كما هي تكملة لما صنعه الدهر والمؤثرات الطبيعية على الصخور وتتمة لما دأبت الطبيعة في نحته كرسائل للإنسانية. وكشف أحميم في تصريح ل “الشعب”، أن “هذا الفن، الذي انطلق فيه مند ديسمبر 2009، يولّد دائما لديه شعورا قويا تمتزج فيه السعادة والراحة والنفسية والرضا على مزاولة موهبة يحبها كما يدفع به دوما لتوطيد رابطته وعلاقته المميزة مع الطبيعة”. وخلافا لموهبة النحت على الحجر، لأحميم عراب اهتمامات اجتماعية وثقافية وأدبية أخرى، كانت أهمها إصداره السنة الماضية لروايته “الوجه الخفي للقمر” التي قدّمها لأول مرة للجمهور خلال الطبعة ال21 لصالون الدولي للكتاب، والذي سبق وأن قدمته «الشعب”. للتذكير، الكتاب الصادر باللغة الفرنسية عن دار النشر “الثقافة في اختلاف”، يروي وقائع المجتمع الجزائري في السبعينيات من خلال قصة أب عائلة يفقد توازن حياته بسبب استهتاره بأحد قادة الحزب الذي ينتمي إليه، الأمر الذي يجرّه إلى دخول السجن وفقدان عمله، فتبدأ رحلة اكتشافه للوجه الآخر من المجتمع بعد معاشرته للنزلاء بالزنزانة والتعرف على شخصياتهم وعلى قصصهم المختلفة وما جاء بهم وراء القضبان، وتتوالى الأحداث مع بداية الثمانينات بعدها عبر رحلته طويلة وشاقة وأثناء لاستعادة عمله وعائلته تعرض للمحسوبية والحقرة و الرشوة وغيرها من الآفات التي تنخر المجتمع.