المفهومان كفيلان بأن يكونا حقا مرجعية فكرية بأتم المعنى الوارد في مضمونهما وإذا أخذنا عكسهما، فإننا نقع في الغلو وهذا مناقض تماما لما يصبو إليه هذا الأمر أو ما يبغيه الجميع عندما تشتد ظرارة معركة النقاش حول يوميات الأمة. والوقوع في هذا الغلو يعني أننا فقدنا العقل في رؤيتنا لسيرورة الأحداث، وقد يؤثر ذلك على المجتمع تأثيرا مباشرا، يؤدي إلى الانسحاب أو التحفظ عما يقع كونه تجاوز المنطق في النظر إلى ما حولنا. وما ميز دائما المجتمع الجزائري هو السير على نهج الوسطية والاعتدال وفق ما ورد في القرآن والسنة، من قيم التسامح لا يتضمنها أي نص وضعي مهما كانت عبقرية مدونيه. وقد أعطانا من سبقونا دروسا لا تنسى في هذا الشأن أمثال عبد الرحمان الجيلالي، أحمد حماني، الشيخ عبد اللاوي، علي شنتير، كتو، مولود قاسم، أيت علجت، الشريف قاهر، الشيخ بلكبير، وغيرهم من العلماء الذين عملوا على الحفاظ على توازنات المجتمع من كل أثر يذكر أو بروز بوادر التشويش على الناس أو تعقيد حياتهم عليهم. كان شغلهم الشاغل التربية وإعداد الأجيال التي تحترم بعضها البعض خدمة لاستقرار بلدهم وفق ما تلقوه من تعليم في هذا الاختصاص، بعيدا عن أي تأثير خارجي، قد يفسد عليهم ما لقنوا من المبادئ السمحاء لديننا الحنيف. هذه الشلة من العلماء الجزائريين تركوا كل هذا الإرث من العمل التربوي راسخا لدى الكثير من تلاميذهم وحتى الشباب منهم، الذين واكبوا هذه النخبة مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ومرجعيتهم في ذلك هذه الصفوة الخيرة.