يعتبر إكرام الضيف من أنبل الشّيم في المنظومة الأخلاقية العربية، حتى إن أحدهم لَيُؤْثِر الضيف على ذوي القُربى، ومن أجمل أمثالهم السائرة قولهم: "فلان جبانُ الكلب" كنايةً عن كرمه، الذي يجعل الناس يؤمّون بيته فيتعود الكلب على كثرة الطارق فلا ينبح، كما اعتبروا أهجر بيت في تراثهم الشعري الثري بيت له علاقة بإكرام الضيف، وهو ذلك البيت الذي يقول: قومٌ إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمهم: بُولي على النار ومن أشعارهم في ذم بخيل: نوالُك دونه شوْكُ القتاد وخبزُك كالثُّريا في البعاد فلو أبصرت ضيفا في منامٍ لحرّمْت الرّقادَ إلى المعاد وجاء الإسلام الحنيف فنقل إكرام الضيف من عادة مجتمعية وقيمة اجتماعية إلى أمارة إيمانية، فقد جاء في حديث الرسول الأجود من الريح المرسلة قوله: "من كان يؤمن بالله ورسوله فلْيُكرِم ضيفه". لقد نشرت وسائل الإعلام منذ أيام صورة لملك المغرب محمد السادس وهو "يقف من مقعده على مائدة الإفطار لتقديم الطعام للملك الإسباني فيليبي السادس والملكة ليتيثيا". (الشروق اليومي 19 / 7 / 2014. ص 2). لي على هذا السلوك الملكي ملاحظتان هما: ❊ يعتبر محمد السادس نفسه وأسرته من آل محمد - صلى اللّه عليه وسلم - وما علمنا أن سيدنا محمدا - عليه الصلاة والسلام- خدم غير مسلم، وبالتالي فإن محمدا السادس قد خدش بسلوكه هذا "الشرف المحمدي"، وشرف كل المنتسبين إلى هذه "العِتْرة" في مشارق الأرض ومغاربها، وكثير منها يوجدون في المغرب الأقصى الشقيق. ❊ إن هذا الشخص الذي كرّمه محمد السادس وخدمه بنفسه تحتل بلاده - إسبانيا - جزءا من المملكة المغربية، وهما مدينتا سبتة ومليلية وما حوْلَهُما، وتستبعد بذلك جزءا من شعبه "العزيز"، وهذا الاحتلال هو أقدم احتلال الآن، حيث وقع احتلالهما في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، ولسنا ندري كيف ينظر المغاربة إلى ملكهم وهو يخدم مُحتلّهُم.
قد يقول قائل إن ماقام به محمد السادس دليل على تواضع "جلالته"، ولكننا لن نؤمن بهذا القول، وكنا نؤمن بهذا التواضع لو أن "جلالته" فعل مثل ذلك مع واحد من الشعب المغربي، وفيه من يستحق هذا التكريم الملكي لشرفهم الطيني (من آل محمد عليه الصلاة والسلام)، ولشرفهم الديني (العلم والورع)، ولشرفهم الوطني (الجهاد ضد الاستعمار الإسباني)، ونذكر "صاحب الجلالة" محمد السادس - ذا النسب الشريف- أن في الصحراء الغربية كثير من يقاسمونه أخوة هذا النسب الشريف، وأخوة هذا الدين الحنيف، ونرجوه أن يكف ؟؟؟؟ عنهم، ويتقي الله - عز وجل - فيهم في هذا الشهر، وليعلم أن الله - عز وجل- سائله عمّا يُقاسونه من عذاب على أيدي قواتك، "أما تخاف أن تهلك، يوم يقال: يا محمد إنه ليس من أهلك".