لعل من أكبر المعوقات التي تحول دون نجاح المبادرة الجزائرية لجمع الفرقاء في ليبيا حول مائدة الحوار وتغليب الحل السياسي السلمي على الحل بالحرب، هو التدخل الخارجي في الشأن الليبي وعلى رأسه الفرنسي والمصري والإماراتي،.. هذه الدول الثلاث الأولى تسعى سعيا حثيثا للانتصار للثورة المضادة، ويتعلق الأمر بدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر عسكريا لحسم صراعه ضد غرمائه مجلس ثوار ليبيا الذين تصنفهم هذه الدول جماعات إرهابية، والمتهمة قطر بدعمهم.. ولعل أكبر خطأ سقطت فيه الديبلوماسية الجزائرية هو الحرص على التنسيق مع هذه الدول أو بعضها لإنجاح مسعى الحوار.. فلا يعقل أن تساهم دول كمصر والإمارات في مساع سلمية وهي تدفع إلى الاحتراب وتحرض على الاقتتال، ومتهمة بانتهاك حرمة التراب الليبي وتنفيذ غارات جوية على بعض أطراف النزاع في ليبيا التي تحارب قوات حفتر.. ذلك لأن مصر تنظر إلى التطورات في الساحة الليبية بمنطق الانقلاب، لذا فهي تجتهد لإنجاح قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومساعدته على إخماد الثورة وإفشال ربيعها في ليبيا، وكذلك تفعل الإمارات.. الجزائر التي عانت من ويلات الاقتتال والنزاع، تعرف جيدا مآسي الحل بالحرب، وتعي جيدا مزايا الحوار والمصالحة الوطنية، وعليه فإن هي أرادت أن تنجح مبادرتها في ليبيا عليها أن تنزع يدها من يد مصر والإمارات وفرنسا، لأن هذه الدول عناصر تأزيم للوضع في ليبيا، وأضحت جزءا من المشكلة، ولا يمكنها أن تكون عناصر تهدئة أو انفراج، ولا جزءا من الحل، لأنها غير مؤهلة لذلك أصلا..