إن تركيبا ميكانيكيا للأحداث يقودنا حتما إلى الاستنتاج بأن لقاء السيد مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق، بالسيد امحند شريفي عضو الهيئة القيادية لجبهة القوى الاشتراكية، كان لإطلاع حمروش على نتائج اجتماع قيادي القوى الاشتراكية بأمين عام جبهة التحرير، أي إبلاغه بموقف السلطة فيما عرض عليها، والمرجح كما تذهب إليه معظم التحاليل أنه اقتراح مولود حمروش كمخرج للأزمة أو تقديمه كمرشح محتمل يتمتع بكل "أسباب الفوز".. لقاء حمروش بشريفي ليس له من الأحداث والتطورات ما يكشف أسبابه أو يفسر دوافعه سوى أنه جاء مباشرة في أعقاب اللقاء الذي وصف ب "التاريخي" بين شريفي وسعداني... وهذا الاستنتاج الميكانيكي يدعمه بيان حمروش الذي شفع به "جلسته الأفافاسية"، وآثر التركيز فيه على دور الجيش والثناء عليه كضامن حتمي لأي تغيير سياسي جدي، وهذا ما يؤكد أن الأمر يتعلق "بكرسي الرئاسة" وحمروش يعرف جيدا من أين تؤكل "الكتف الرئاسية" في الجزائر ومن يمسك بها.. وهذه ليست المرة الأولى التي يناجي فيها "السي مولود" الجيش، ويغازله بإلحاح، ويوجه إليه رسائل مباشرة، دون أن يظهر للعيان ما يؤكد أن الشعور متبادل، لا تصريحا ولا تلميحا، خاصة وأن الإلحاح يحتمل القراءتين، إلا إذا كان بحوزة ممثل الأفافاس الجواب الشافي.. فتالله يفتأ حمروش يذكر الجيش حتى يكون رئيسا أو يكون حرضا، وقد انتظر سنين طوال.. حمروش يعي جيدا أن الكلمة الفصل كانت دائما تعود إلى الجيش، وفي زحمة الانقسام الحاصل على الساحة يبدو مصرا أن تبقى كذلك، وهذا هو رهانه وديدنه.