رسَمت المبادرة من أجل كرامة الصحفي صورة "قاتمة" عن الوضع الاجتماعي والمهني للصحفيين في الجزائر في تقريرها السنوي لعام 2015، الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير بفعل الفوضى التي تسود سوق الإشهار، حسبها، وكذا عدم وجود قوانين تحمي الصحفيين، إلى جانب تمييع العمل الإعلامي واستمرار الضغوط في الوسط المهني . أكد تقرير المبادرة الذي وصل "الشروق أون لاين" نسخة منه أن تبعات تمرير قانون الإعلام لعام 2012 دون فتح نقاش حوله كانت وخيمة على القطاع، حيث سجل "انهيار أخلاقيات الممارسة الإعلامية في الجزائر"، وألحق ذلك أضرارا بالغة على الوضع الاجتماعي للصحافيين، بل وانعكاس هذا الوضع غير محمود على باقي مناحي الحياة الوطنية الأخرى. وحسب التقرير السنوي للنقابة، فإن الصحفيين يدفعون ثمنا باهظا للتأجيل المتواصل لإصدار قانون الإشهار "حيث أدت الفوارق الموجودة في دعم المؤسسات الإعلامية، والغياب الكلي لرقابة الدولة سواء عن طريق وزارة الاتصال أو عن طريق وزارة العمل، إلى احتقار الصحافيين بمعدل أجور زهيد، جعل المئات من الإعلاميين ينفرون من القطاع، ناهيك عن المئات من خريجي معاهد الاتصال، الذين تولدت فيهم روح الإحباط واليأس من مستقبل مهني زاهر، جراء ما يرونه من تدهور مستمر لمهنة الصحافة، رغم الآمال التي ينضوي عليها الخطاب السياسي في المجال". وحسب نفس المصدر فإن تطبيق شبكة الأجور في القطاع العام فقط عام 2012، يؤكد أن "وزارة الاتصال لم تف بتعهدها والتزامها بإعداد شبكة أجور تخص كل الصحافيين سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، في الصحافة المكتوبة أو السمعي البصري، مثلما تم الاتفاق عليه في اجتماع العمل المنعقد مع وزير الاتصال بمقر الوزارة يوم 17 أفريل 2011". وأضاف "ولم تلزم الوزارة الوصية مؤسسات الإعلام الخاصة ولم تدعها إلى تطبيق هذه الاتفاقية، واكتفت بالقول إن مؤسسات القطاع الخاص بإمكانها تطبيق شبكة الأجور الجديدة في القطاع العام"، ولم تتخذ إجراءات أو تقترح آليات يمكن بواسطتها تعميم الاستفادة من نظام الأجور الجديد على صحافيي ومستخدمي القطاع الخاص. وعن تطور الأداء الإعلامي يقول التقرير "سجلت المبادرة بهذا الخصوص تراجع نوعية المنتوج الإعلامي وبالموازاة مع ذلك تراجع تأثير الصحافة في صناعة القرار واتخاذ المواقف، تكاد الكلمة تفقد صداها لدى الأجهزة التنفيذية والتشريعية، وهذه بدايات مخيفة لفقدان الإعلام كامل مصداقيته". وأضافت "والسبب يعود من جهة إلى غياب الهيئات الضابطة وعلى رأسها مجلس أخلاقيات المهنة وآدابها، المخول بمراقبة جودة المعلومة والخبر المقدم عن طريق الكلمة والصوت والصورة، ومن جهة أخرى للوضع العام الذي تعيشه البلاد ومن إفرازاته تراجع الإنصات لانشغالات المجتمع المعبر عنها في وسائل الإعلام، والتفاعل معها". وكشفت النقابة عن ظروف خطيرة لعمل الإعلاميين، حيث "يعيشون، فضلا عن ضغوط المتابعات القضائية والاعتداء عليهم أثناء تأدية مهامهم، كابوس الخوف من الاعتداءات والتصفيات الجسدية، فقد تعرض خلال العام 2013، عدد من الصحافيين لتصفية حسابات بلغت حد الاعتداء الجسدي، واقتحام بيوت صحفيين والاعتداء على عائلاتهم، والتعرض لآخرين بالضرب والاعتداء الخطير من طرف مجهولين والتسبب لهم في عجز بدني، وتحول بعض الناشرين إلى التربص بالصحافيين ومقاضاتهم بدل الدفاع عنهم وحمايتهم". كما "رصدت المبادرة عشرات الحالات من التعسف تستقبلها مفتشيات العمل عبر مختلف الولايات، واستقبلت مفتشية العمل بولاية الجزائر العاصمة، حسب ما حصلت عليه المبادرة من معلومات تقدم بها صحافيون معنيون، ما يفوق ال200 حالة تعسف ترتكب سنويا في حق الصحافيين، وتتحول إلى نزاعات عمل البعض منها ينتظر الفصل في مفتشيات العمل"، حسب التقرير. وأشار "تتعلق حالات التعسف التي تصل إلى مفتشية العمل، بعدم التصريح في الضمان الاجتماعي، والخصم غير القانوني من الأجور، والتحرش مختلف الأشكال، والحرمان من العطل، ورفض تسديد الأجور، والحرمان من الوثائق الإدارية التي تثبت علاقة العمل ومنها (عقود العمل، وشهادة العمل، وكشف الراتب) ويعاني المراسلون الصحفيون أكثر من هذه التعسفات". وبالنسبة للمرأة العاملة في القطاع، يقول التقرير "تتعرض معظم الصحفيات لضغوط نفسية رهيبة ومن هذه الضغوط التحرش بمختلف أشكاله، حيث تلقت المبادرة شكاوى من عشرات الصحافيات تعرضن للتحرش ولمساومات وتهديد بالطرد والحرمان من الحقوق. وتعاني الصحفيات ربات البيوت ضغوطا أكبر من عموم الصحافيين والصحافيات فيما يتعلق بالعمل أيام عطلة نهاية الأسبوع وبعض العطل الأخرى، دون أن يقابل ذلك نظام تعويضي".