يلجأ بعض المواطنين لتناول الأدوية التي توصف للمرضى عقليا، في سبيل الاستفادة من المنحة الشهرية التي تخصصها الدولة لهذه الفئة، وبالتواطؤ مع بعض الصيادلة والممرضين يتمكن بعضهم من الحصول على الأدوية التي تغيب عقلهم بكل سهولة، خاصة في الفترة التي يخضعون فيها للمراقبة الطبية، إلا أن جشع هؤلاء أوقعهم في قبضة الإدمان. ويدفع البعض منهم ثمن طيشهم غاليا، حيث يكون مصيرهم الإدمان، إذ يخيل إليهم أن الاستعانة بهذه الحبوب في فترة معينة لن يضرهم، إلا أنهم يتحولون إلى مدمنين يبحثون عن كيفية الخروج من غياهب الإدمان والتخلص من قبضة هذه الأدوية، التي بعد أن كانت وسيلة للحصول على بعض المال، تحولت إلى وحش فتاك نخر أجسادهم وحول حياتهم إلى جحيم، وحول الموضوع حدثنا الدكتور "بقاط بركاني" رئيس عمادة الأطباء، قائلا أن الحبوب التي توصف للمرضى عقليا تؤثر بشكل كبير على صحة وذهنية الإنسان العادي إذا ما تناولها مرة أو اثنتين، حيث يرتبط بها لا إراديا وتصبح لديه حاجة يومية لا يمكنه الاستغناء عنها، مضيفا أنها توصف للمريض عقليا بغرض تهدئته جسديا وذهنيا، إلا أنها إذا ما دخلت جسم الإنسان العاقل يتغير مفعولها عكسيا وتدخله في غيبوبة تجعله لا يتحكم في تصرفاته، مؤكدا أنها تعتبر مثل المخدرات تماما وأنها تؤدي بالشخص العادي إذا ما تناولها أكثر من مرة إلى الإدمان. لا تختلف الروايات التي صادفناها في مستشفى فرانس فانون بالبليدة، الذي قصدناه لإثارة موضوع آخر، وتجتمع كلها في نقطة واحدة، "أضحى مدمنا في سبيل 4000 دج"، هي قصة "سالم.م" البالغ من العمر 62 سنة، أب لخمسة أطفال، يعمل حارسا بإحدى المؤسسات الخاصة بالعاصمة، لم يقتنع بمبلغ 20000 دج الذي يتقاضاه، فراودته فكرة الظهور بمظهر المريض العقلي، حتى يتمكن من الحصول على المنحة الشهرية لهذه الفئة، وبما أن صديقه صيدلي، فلم يكن الأمر صعبا، إذ منحه بعض الحبوب التي توصف للمصابين بالإعاقة الذهنية، أصبح يتناولها باستمرار حتى أصبحت تصرفاته تشبه إلى حد كبير المريض العقلي، حيث يتلعثم أثناء الكلام ولا يستطيع التمييز جيدا، وحصل بعدها على بطاقة المعوق ذهنيا...