في كل موسم درامي جديد يعود الحديث عن أزمة السيناريو في الأعمال الجزائرية، حيث يرجع البعض رداءة الأعمال الجزائرية وعدم تمكنها من المنافسة إلى عدم وجود كتاب سيناريو مختصين في الكتابة الدرامية. هل فعلا هناك أزمة سيناريو في الجزائر؟ ولماذا لم نتمكن من تجاوزها؟ وما هي الأسباب الواقعة خلفها؟ فاطمة وزان "تكرار الرداءة سنويا تكرسه شلة ترعبها المنافسة" أسئلة نقلتها الشروق إلى بعض الذين تعودوا على قلتهم التعامل مع الدراما التلفزيونية في الجزائر فاختلفت الآراء في تحليل وقراءة الأزمة لكنها اتفقت على أن هناك أزمة يجب مواجهتها بإعادة النظر في المنظومة ككل، وفي مقدمتها رسم سياسة واضحة للتكوين. لا تجزم فاطمة وزان بوجود أزمة في كتابة السيناريو في الجزائر، لكنها تقر بوجود نقص في هذا الجانب. وأكدت المتحدثة في اتصال مع الشروق أن الكفاءات موجودة حتى وإن كانت لا تظهر، وأضافت قائلة "صراحة لم نفهم إلى حد الآن لماذا لم تتمكن الكفاءات في مجال السيناريو من أن تجد مكانتها في الميدان؟". ودعت صاحبة "الذكرى الأخيرة" إلى ضرورة فتح باب الإنتاج وتشجيع الانفتاح في هذا المجال أمام الطاقات الشابة لان وفرة الإنتاج وتنوع المواضيع من شانها أن تحرر الطاقات الموجودة وتمنحها الثقة في النفس. وتساءلت وزان في المقابل "لماذا يتم منح نفس الفرص لنفس الأشخاص دائما وإعادة إنتاج الرداءة سنويا بينما يكفي أن نفتح ورشات للتكوين وتشجيع الشباب على اللجوء إلى الاقتباس كمرحلة أولى لشحذ الطاقات الإبداعية بدل الاكتفاء بجلد الذات و تكرار إنتاج الرداءة".
رابح ظريف "اللعبة أغلقها التيار الفرونكوفوني وابتزاز لجان القراءة " من جهته، قال رابح ظريف إن مشكل السيناريو في الدراما الرمضانية في الجزائر مطروح فعلا، لكنه ليس بالشكل الذي يتم الحديث عنه لأنه يرتبط بمشكل اكبر وهو المنظومة ككل بداية من الإنتاج إلى الإخراج. وأكد رابح ظريف للشروق أن اللعبة مغلقة فقط بين أصحاب ومناصري التيار الفرانكفوني الذي استأثروا بالدورات التدريبية على قلتها. ويصعب جدا – حسبه - اختراق تلك الدائرة بدون خوض حروب بحيث - يؤكد ظريف - انه وإلى زمن قريب كان من النادر جدا أن يستفيد معرب من دورة من هذا النوع. ودعا المتحدث إلى فتح الأبواب أمام المبدعين والروائيين الجزائريين والتعامل معهم من أجل الإلمام بالجانب التقني والفني في أعمالهم لإخراجها إلى الشاشة. رابح ظريف حصر مشكلة السيناريو الدرامي في ثلاثة جوانب اعتبرهما من الأهمية بمكان، وهي المنتج والمخرج ولجان القراءة. قال ظريف "لجان القراءة تمارس البيروقراطية والابتزاز على كاتب السيناريو لذا يجب أن نذهب في اتجاه إيجاد لجان مؤقتة تنتهي مهمتها بانتهاء مثلا موسم رمضان وهذا من أجل نشر الشفافية والاحترافية وللقضاء على الابتزاز والتسلط الإداري الذي تمارسه هذه اللجان على المبدعين. كما اعتبر ظريف في الاتجاه ذاته أن أزمة السيناريو ترتبط ارتباطا وثيقا بعجلة الإنتاج وطريقة تعامل المخرجين مع الكتاب، حيت اتهم رابح ظريف المخرجين بالتجني على الكتاب بإعادة النظر في النصوص والتي في كثير من الأحيان تنتهي بارتكاب مجازر، والهدف من ذلك - يقول ظريف - ليس ضرورة درامية بقدر ما هي ضرورة إنتاجية يهدف من ورائها المخرج إلى فرض اسمه وعدم احترام الأدوار التي تفرق بين السيناريست و المخرج. المنتج أيضا – حسبه - لا يتعامل باحترافية مع الإنتاج الذي يوكل إليه فاغلب هؤلاء يكتفون بدور المنتج المنفذ وتنتهي مهمتهم بانتهاء عملية المونتاج في حين أن مهمة المنتج الحقيقي تبدأ بعد المونتاج للترويج وتسويق العمل.
الصادق بخوش: لا نملك تقاليد في الدراما التلفزيونية يرى الصادق بخوش أننا لا نملك تقاليد في الدراما التلفزيونية، ومنذ استقلال الجزائر ركزت اهتماماتها على الفيلم السينمائي الطويل والمسرح . ورغم ذلك - يؤكد بخوش - أنه في الجزائر لا يوجد كتاب سيناريو محترفين بالمعني الحقيقي للاحتراف وهذا يعود حسب المتحدث إلى عدم الاهتمام بالتكوين واختصار الثقافة في المهرجانات والحفلات التي لا يمكن أن تغطي على غياب مشروع ثقافي جاد وإستراتيجية واضحة وانتشار المحاباة وسط لجان القراءة التي ترشح الأعمال للإخراج . وكذا غياب ثقافة ووعي من قبل رجال الأعمال في دعم ورعاية الأعمال للثقافة بوصفها استثمارا.
محمد جرالفية: غياب سياسة واضحة واعتماد المناسباتية في نفس الإطار يؤكد المخرج والكاتب محمد جيرالفية أن من بين الصعوبات التي تؤثر على جودة الأعمال الدرامية الجزائرية غياب سياسة واضحة للإنتاج السمعي البصري، وإطلاق عجلة الإنتاج في رمضان فقط بطريقة عشوائية وهو ماأدى - حسبه - إلى تكريس الرداءة وضعف الخيارات أمام المخرجين والمنتجين. ودعا جيرالفية إلى وجوب وضع سياسة واضحة في هذا المجال تضمن تواصل الإنتاج الوطني على طول السنة ومحاربة الطرق الملتوية التي ينتهجها بعض المنتجين، خاصة وأن أصحاب رؤؤس الأموال الضخمة لا يغامرون في مجال الإنتاج الثقافي عموما والدرامي خصوصا. ويرى المتحدث أن فرص التنظيم وضمان الإنتاج على مدار العام لخلق المنافسة من شأنه أن يجبر القائمين على هذه الأعمال على رفع المستوى.