تشهد أسواق التمور بولاية الوادي، منذ بداية الشهر الفضيل، حركية أقل من المعتاد، إذ لا تزال تداعيات الأزمة الأمنية على الجانب الآخر من الحدود الشرقية والجنوبية، تقضي بشكل تدريجي على أسواق التمور المنتجة في الوادي، والموجهة لدول الساحل والصحراء، التي تقطنها أغلبية مسلمة، وتعد أكبر سوق لتصدير التمور خاصة "التمور الجافة". وفي جولة ل"الشروق" بسوق التمور النظامية وسط المدينة، وأسواق أخرى غير نظامية في عدد من الجهات، كان لنا حديث مع أكبر التجار النشطين في تسويق التمور إلى الدول الإفريقية، وبعضهم يمارس هذا النشاط، أبا عن جد، ومنذ الفترة الاستعمارية ومعظمهم من سكان ولاية الوادي أو ترجع أصولهم إلى هذه الولاية، غير أنهم مقيمون بعدد من المدن الواقعة في أقصى الجنوب كتمنراست وعين قزام. ويجمع محدثونا على أن معطيات هذا العام وكغيره من سنوات ما بعد تأجج الأزمة المالية، لا توحي بعام جيد من خلال الإجراءات المتخذة على الحدود والتوتر الدائم، ما جعلهم يتريثون في شراء أنواع من التمور "الجافة" المعروفة، التي تعد كمياتها الأكبر من حيث التصدير، وتنتج غالبيتها في أغواط نخيل ولاية الوادي، وأوضح عدد من التجار أنه كان من المفترض أن تظهر الطلبات من خلال الوسطاء الأفارقة من الذين يمتهنون التجارة لسنوات في تمنراست، قبل رمضان بشهرين على الأقل، لكن الطلبيات تناقصت، حسبهم، بشكل رهيب هذه السنة ورغم قرب انقضاء الشهر الفضيل، لم يأت إلا تاجرين فقط، ويؤكد تجار التمور أن التمور من ولاية الوادي، التي تعد الأولى وطنيا من حيث كميات الإنتاج، تصل إلى بوركينافاسو، السنغال، نيجيريا، الكامرون، إفريقيا الوسطى، تشاد، إضافة إلى مالي والنيجر اللتين تعتبران مناطق تقليدية لتسويق تمور الولاية. وأكد عدد من الوسطاء داخل السوق، هذا التخوف لا سيما مع انهيار تمور "الغرس" المخزنة من العام الماضي، كون منتوج الغرس كان يحول إلى دول جنوب الصحراء في مثل هذه الفترة بعد ركود الطلب عليه في المنطقة، وتوقع مختصون أن يتواصل انخفاض أسعار التمور، التي كانت في الأصل توجه إلى التصدير نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء في الانخفاض، بنسبة ستصل إلى حدود 70 بالمائة، إذ لم تكن هناك حلول جذرية، ما سيزيد من مشاكل المنتجين. وثم عامل آخر، يزيد تخوف التجار والمنتجين، وهو عدم قدرة المنظومة التحويلية بالولاية، على مجاراة نظيرتها التونسية المنافسة من جهة، وعجز المصدرين عن إيجاد أسواق جديدة لهذه التمور، وللأنواع المعروفة ك"دقلة نور"، وبالمقابل قطع جيراننا في الجمهورية التونسية، شوطا كبيرا في التسويق لتمور أقل جودة، حتى في مرحلة الأزمة والظروف التي مر بها بلدهم. يذكر أن ولاية الوادي لم تنظم إلى حد الآن مهرجانا كبيرا، أو معرضا خاصا بالتمور، رغم أن عدد النخيل فيها تجاوز 6 ملايين نخلة، بالإضافة إلى عدم وجود أي مخبر متخصص خاص بالإنتاج أو المراقبة والتسويق، فضلا عن عدم تنظيم السوق الخاص بهذه المادة الحيوية. ومن المعلوم أن الطلب على هذه الأنواع من التمور، يزداد في دول جنوب الصحراء في شهر رمضان، للخصائص الغذائية التي تجعل منه الغذاء الأول لسكان تلك المناطق كما يزداد الإقبال عليه، لقدرته على مقاومة حرارة المناطق الساخنة، من دون أن يتعرض للتلف ما يمكن من حفظه مدة طويلة.