يعتبر موضوع امتلاك العقار بأنواعه، وتوثيقه بصفة قانونية في ولاية الوادي، من المواضيع الشائكة والمعقدة نوعا ما، من خلال القوانين التي اعتمدتها الدولة للتحكم أكثر في العقار، الذي كانت تحكمه وإلى زمن قريب الأعراف الفلاحية السائدة في المنطقة. بعدما استنزفت مافيا العقار النافذة، معظم الأوعية العقارية البيضاء في بلديات عديدة من ولاية الوادي، بل وتعدت في ذلك إلى استغفال المواطن البسيط، الذي يقبل في بعض الأوقات على دفع أموال باهظة، من أجل شراء أو امتلاك قطعة أرض، هي في الأصل ملك للدولة، وتحت تصرف مديرية أملاك الدولة، بغية توجيهها لاستغلالها في إنجاز منشآت ومرافق عمومية ومشاريع سكنية. ويواجه المواطنون الراغبون، في الحصول على رخصة بناء في عدة بلديات من الوادي، العديد من العراقيل التي تقف حجر عثرة دون حصولهم عليها، إذ اتهم عديد المواطنين بعض المصالح، بتعمد وضع المصاعب التي تحول دون حصولهم على رخصة البناء، وذلك رغبة منها في الحصول على هذه الأراضي، المملوكة لأصحابها بوثائق رسمية، وتحويلها لملك عمومي حسبهم، ووصف عديد الأشخاص الذين قابلتهم الشروق اليومي، وهم في صدد استصدار رخص البناء وضعيتهم، بأنهم أضحوا كالجلد المنفوخ، الذي يتبادل رميه، بين مصالح البلدية وإدارة مديرية أملاك الدولة، التي تحمل إحداها الأخرى مسؤولية وضع العراقيل في طريق المواطنين. ويجد الأشخاص، الراغبون في الحصول على شهادة حيازة أو رخص بناء، أنفسهم محتارين في الطرق القانونية، التي يجب عليهم اتباعها لاستخراج الشهادات المذكورة، إذ أن الوثائق "العرفية" المكتوبة، التي يرجع تاريخ صدور بعضها إلى بدايات القرن الماضي، لم تعد سندا قانونيا يعتد به أمام الهيئات العمومية، فيتورط بذلك في كثير من الأحيان الأشخاص الذين اشتروا هذه الأراضي على الورثة بوثائق عرفية وبمبالغ باهظة، تفوق قيمتها المليار سنتيم، في بعض المناطق المصنفة استراتجية، وتلعب القوانين المطبقة دورا كبيرا في تجسيد هذه الوضعية، خاصة وأن المالكين الجدد لا يستطيعون استخراج شهادة الحيازة، إلا بعد إثبات بأن هذه القطعة الأرضية، كانت تمثل غوطا به نخيل، أي محدد المعالم استنادا إلى وثائق عرفية، حتى يتم قبولها من طرف مديرية أملاك الدولة، التي تعتبر وبناء على القوانين التي تعمل وفقها، أن كل الأراضي بيضاء ملك للدولة، حتى تثبت الوثائق عكس ذلك، أما في حالة عدم امتلاك المواطن البسيط، وثائق تؤكد بأن هذه المساحات، التي كانت عبارة غابة نخيل، أو ما إلى ذلك، فيبقى حظه مرهونا بتقرير المديرية، التي تستطيع تحويل هذه القطعة الأرضية، إلى ملك للدولة بقوة القانون، وجاء قرار الوالي الأسبق المرحوم صنديد محمد منيب، الذي جمد استخراج الحيازات، بحجة أن كل ما يرد في وثيقة كلمة "ملك" بالفرنسية، هو الوحيد الذي يتسنى للمستفيدين به الحصول عليه، واستصدار وثيقة حيازة له. ومن الشروط الأساسية لحيازة أي عقار، أن يكون هذا الأخير محدد المعالم، وفق قانون التوجيه العقاري المعدل والمتمم 90/25، حيث يجبر الراغب في الحصول على حيازة عقار وفق القانون المذكور تحديد معالمه، مساحته وغيرها في عريضة تقدم إلى رئيس البلدية، لكن يجد عدد غير قليل من المواطنين أنفسهم، في ورطة عندما يملكون مساحة معينة بالقرب من النسيج العمراني، أو بعيدة عنه، كون أن لا حدود معينة تحدها بشكل دقيق، ويؤكد مواطنون وجدوا أملاكهم في هذه الحالة أنفسهم بلا سند، أو وثيقة قانونية، بحكم أن النصوص التنظيمية، لا تتيح له حيازة عن هذه المساحة، إلا إذا أثبتت وثائقها بأنها كانت عبارة عن "غوط"، هذا إن حالفه الحظ، وبقيت بها آثار لنخلة أو غيرها خاصة وأن المئات أشجار النخيل، قد تأثرت بظاهرتي غور وصعود المياه، مما أدى إلى ضياع العشرات منها، أما إذا لم يستطع المواطن إثبات ذلك، فإن هذه المساحة قد يتم تحويلها لأملاك للدولة وبالتالي لا يستطيع استخراج شهادة حيازة لها.