دعا طلبة وأساتذة جامعيين إلى حفظ دروس الإضرابات والاضطرابات التي انعكست سلبا على المسار الدراسي الجامعي خلال السنوات المنصرمة، داعين إلى استغلال الموسم الجامعي الجديد لفتح صفحة جديدة وجادة للرفع من وتيرة التحصيل الدراسي بعيدا عن سيناريو المشاكل والإضرابات التي أصبحت لصيقة بالجامعة الجزائرية. وأكد الأستاذ عمار شوشان ومكلف بمهام إدارية بقسم علم النفس وعلوم التربية (جامعة باتنة)، بأن الدخول الجامعي لهذه السنة كان عاديا ومقبولا، وتمت تسجيلات الجدد وإعادة التسجيل بالاستعانة ببرامج الكترونية ممركزة، بدليل تسليم بطاقات الطالب للمعنيين في الحين عكس ما كان عليه الأمر سابقا (الطالب كان يتسلم بطاقته بعد أشهر)، وقال الأستاذ عمار شوشان بأن الجديد هذه السنة هو تفعيل التحويلات وإعادة التوجيه التي تمت حسب محدثنا على الخط حتى بالنسبة للجدد، مما سهل الأمر على الطلبة. وفي السياق ذاته وصف الدكتور بدر الدين زواقة من قسم الإعلام والاتصال الدخول الجامعي بالهادئ والنمطي في الإجراءات والمعاملات، مشيرا إلى وجود محاولة لتجاوز السلبيات السابقة، من خلال الاعتماد على الخدمة الإلكترونية التي اعتبرها خطوة مهمة لكنها غير كافية في طريق اعتماد الإدارة الإلكترونية الشاملة، وهو ما يتطلب حسب قوله وجوب الدعوة لرؤية إستراتيجية في التسيير وتجاوز التسيير بإدارة الأزمة. في المقابل، يرى الدكتور ساعد ساعد الذي عمل في عدة جامعات جزائرية، بأن الدخول الجامعي يعرف كل عام مرحلة انتقالية، بسبب دخول طلاب جدد وتخرج دفعات جديدة، وإجراء الاختبارات النهائية للطلاب المتأخرين (الامتحان الاستدراكي)، إضافة إلى مشكل التحويلات الجامعية المتضاربة مع التخصصات، وكذا مسابقات توظيف أساتذة جدد في القطاع، والتحاق البعض الآخر من المحولين من جامعات أخرى، إضافة إلى مشكل الخدمات الاجتماعية الجامعية (حجز الغرف ونوعيتها)، معتبرا بأن هذه النقاط تؤثر على مستوى التحصيل والأداء الوظيفي للأساتذة الجامعيين، واقترح الدكتور ساعد ساعد تسوية هذه المسائل في فترة الصيف مباشرة بعد التسجيلات الجامعية لربح الوقت والتركيز على الشق الدراسي. الإضرابات والاضطرابات.. حلول ترقيعية لمشاكل متجددة وإذا كان الكثير قد بدا مرتاحا للتحسينات الإدارية التي تم إضفاؤها بخدمات الكترونية خلال الدخول الجامعي الجديد، لتسهيل مهمة الطلبة ولو بصورة نسبيا، إلا أن العديد من الأطراف تتخوف من هاجس الإضرابات والاضطرابات التي تتم تحت غطاء مطالب طلابية، لكنها سرعان ما يتم توقيفها بعد التحاور مع الإدارة لتتجدد النغمة في سيناريوهات جديدة متجددة، وفي هذا الجانب يرى طارق رقيق (طالب ماجستير حقوق بجامعة الجزائر) في حديثه ل"الشروق"، بأن الجامعة الجزائرية أصبحت في السنوات الأخيرة تقف بداية كل موسم أمام هاجس الاضطرابات والإضرابات التي ترهن حسبه التحصيل العلمي للطالب، وتتسبب في تقليص الدراسة الفعلية إلى شهرين أو 3 أشهر في السنة ككل، وهو ما يستدعي حسب محدثنا دق ناقوس الخطر بخصوص نشاط التنظيمات الجامعية، ورسم الحدود القانونية لها، سيما ما يتعلق بممارسة الإضراب الذي يكون في الغالب بعيدا عن المشاكل الحقيقية للطالب، مضيفا بأن الانشغالات التي ترفعها التنظيمات غالبا ما تستمر ولا تجد حلولا، لكن الإضراب ينتهي بالحوار مع الإدارة، ما يطرح تساؤلا حسب محدثنا حول جدوى هذه التنظيمات والقائمين عليها، ودعا طارق رقيق الطلبة إلى إيجاد آليات أخرى للتواصل مع الإدارة لإيصال انشغالاتهم وتطلعاتهم. تكريس الأجواء العلمية والتفاعلية والحد من الطابع الاحتفالي على صعيد آخر، لم يخف الكثير الحضور المحتشم للجامعة الجزائرية، بخصوص صناعة الرأي العام، أو تكريس الأجواء العلمية والثقافية التي من شأنها أن يصل وهجها الى مختلف طبقات المجتمع، وهو ما جعل الجامعة الجزائرية مرادفة للمشاكل والإضرابات والممارسات السلبية، في الوقت الذي بدا للكثير بأن النشاط العلمي المعرفي بات في آخر الاهتمامات، ويشير الدكتور بدر الدين زواقة بأن تحييد الجامعة الجزائرية عن الفعل السياسي والاجتماعي والثقافي بجعلها هيكل دون روح، حيث دعا إلى تفعيل المخابر العلمية المنتشرة والكثيرة في الجامعات الجزائرية، بغية القيام بالدور الوطني، والمساهمة في القرارات التنفيذية للوزارات المختلفة، من أجل مشاركة واعية وهادفة حسب محدثنا لتجاوز الهفوات التي وقعت مؤخرا. وبالمرة قيام النخبة بواجبها الوطني والعلمي والحضاري، وتنشيط قاعات المحاضرات الكبرى المنتشرة في الجامعة وفي الكليات للقيام بالواجب الثقافي، بدل الاكتفاء بالاحتفالات، ودعا الدكتور بدر الدين زواقة إلى خلق جو علمي وثقافي بين الأساتذة والطلاب لإزالة الركود، وإبراز الفعالية المجتمعية.