يشهد شهر مارس من كل سنة بولايتي أدرار وغرداية في الجنوب، عقد العديد من الأعراس الجماعية بمختلف الأقاليم الأدرارية الثلاثة "قورارة توات تيديكلت بأدرار، والضاية بن ضحوة ومتليلي بغرداية، ما إن يحل الشهر حتى تُقرع الطبول إيذاناً ببداية موسم الأعراس التي تُشرف على تنظيمها العائلات والأسر الأدرارية وفق طبوع محلية خاصة. تعمل الجمعيات الخيرية التي جعلت من تنظيم الأعراس الجماعية هدفاً أساسيا من أهداف قانونها الأساسي، حيث نظمت أمس الجمعية الخيرية بيت الخير بمدينة أدرار الطبعة العاشرة لأعراسها الجماعية تزويج 13 شابا من مختلف أحياء المدينة والقصور المجاورة لها. ونظمت بدورها جمعية اللمة وجمعية الحي وزاوية سيدي أحمد ديدي بتمنطيط عرسا جماعيا أدخلت من خلاله 22 عريسا القفص الذهبي بحضور السلطات المحلية ونشطاء الحركة الجمعوية إلى جانب المدعوين. وفي تمقطن دائرة أولف تم تزويج 23 عريسا من شباب المنطقة. ومن جهتها، جمعية أولاد بوحفص ببلدية تيمي نظمت عرساً جماعيا لتزويج 17 عريسا. أما بالجهة الشمالية للولاية، فقد نظمت الجمعيات الخيرية لقصور طلمين الطبعة الأولى للعرس الجماعي تمكنت من خلاله من عقد قران 08 عرسان على أن تتوسع العملية مستقبلا. ويعد تنظيم هذه الأعراس الجماعية رمزا من رموز التواصل والتضامن الاجتماعي بين أبناء الولاية، إذ تمت جميع هذه الأعراس وفقاً للأعراف والتقاليد المعروفة بالمنطقة من مراسيم السلكة وتلباس العريس والتحنية إلى غير ذلك من الطقوس التي تنفرد بها الولاية في إقامة الأعراس.
حرارة الصيف أجبرت السكان على تغيير الموعد وتعتبر عوامل اعتدال الطقس، وتوفر المنتجات الفلاحية المحلية إضافة إلى عطلة الربيع المدرسية أبرز الدوافع لتنظيم وبرمجة الأعراس خلال هذا الشهر بعد أن كانت مقتصرة في القديم على فصل الصيف، حين كانت تواجه العائلات صعوبات جمة في التبريد وتوفير المياه للضيوف، وغيرها من الصعوبات التي تعرفها المنطقة المعروفة بحرارتها الشديدة خلال فصل الصيف، ما فرض على السكان البحث عن فصل معتدل لتنظيم مختلف الأفراح والأعراس فلم يجدوا بدا من ذلك سوى تنظيمها في شهر مارس، وخلال فصل الربيع حيث الاعتدال وتوفر المنتج الفلاحي المحلي وغيرهما من المزايا.
غرداية عروس الشباب تتزين في كل شهر مارس وفي ولاية غردية، تقام المئات من هذا الزواج الجماعي في تقليد راسخ متوارث منذ مئات السنين، فهي إحدى هذه المناطق الصحراوية التي تعيش على وقع حفلات الزواج الجماعي، الذي يعد نمطا محبوبا لدى عوائل المنطقة، التي دأبت على المحافظة عليه منذ القدم في إطار التكافل الاجتماعي الذي يميز سكان المنطقة. ويعود هذا النوع من الزواج الجماعي إلى عهد قديم ظلّ يتقيّد به أهالي الناحية، من سكان مختلف البلديات. وسعت اللجان الدينية وجمعيات خيرية عبر بلديات ولاية غرداية بداية الأسبوع بالتنسيق لإقامة أعراس جماعية، تم من خلالها زفاف أكثر من 100 شاب لتتحقق أحلامهم التي ظلت تراودهم لمدة طويلة، وتقتضي مثل هذه المناسبات احترام التقاليد العريقة المتبعة من طرف المجتمع المحلي، من خلال تعيين شيخ مسن أو إمام ليقوم بمساعدة العريس على ارتداء الثوب الرسمي الخاص بمثل هذه المواعيد الاجتماعية، المتمثل في برنوس وعباءة بيضاء وشاش وتاج زفاف، وسيف يعبر عن شهامة الفارس المتوج، وسط الابتهالات وترديد قصيدة "البردة" الشهيرة. ولا تخلو هذه المناسبات من أحاديث الذكر والإرشاد المرتكزة على فوائد الزواج والمغزى منه ودوره في تقوية التضامن الاجتماعي، إلى جانب الحديث عن دور الأزواج في تمتين أواصر المجتمع الإسلامي.
العزابة حلقة تضامنية منقطعة النظير بعاصمة ميزاب وشهدت الضاية بن ضحوة تزويج 26 عريسا في حفل بهيج حضره أكثر من عشرة آلاف شخص، لتسحب في نهاية الحفل قرعة عدة جوائز من بينها عمرة لشخصين أسهمت بها مؤسسة عرش المذابيح كتحفيز للشباب المقبلين على الزواج من أجل المشاركة في تثمين مبادرة العرس الجماعي. وحسب القائمين على العرس الجماعي بضاية بن ضحوة، فقد أكدوا أن الاشتراكات التي يقدمها العرسان خلال العرس، لا تتجاوز 20 دج كمبلغ رمزي، وأن العرسان من مختلف شرائح المجتمع. وأقامت بلدية غرداية عرسا جماعيا شمل كل أحياء المدينة وتم خلاله تزويج 15 عريسا، فيما كان العرس الجماعي بمدينة متليلي قد شهد تزويج 35 عريسا من مختلف الشرائح، فيما من المرتقب أن تشهد مدينة بريان زفافها الجماعي لأكثر من 30 شابا بحضور العزابة كتقليد يعرفه سكان بريان. من جانب آخر، لاقت هذه المبادرات استحسان الشارع المحلي الغرداوي، التي ما انفكت ولاية غرداية تتميز بها في كل سنة من خلال خلق مثل هذه المبادرات عبر بلديات الولاية لتحسيس الشباب بهذه السنة الحميدة.