في الوقت الذي تشتكي فيه الكثير من النساء الجزائريات، ظاهرة العنف بنوعيه المعنوي والمادي من أزواجهن، سواء باللجوء للقضاء أو لجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة، لم تجد بعض المعنفات المتزوجات الماكثات في البيت والمضيق عليهن حلا آخر سوى الإبحار في العالم الأزرق "الفايسبوك" للبحث عمن يقاسمهن معاناتهن النفسية وينفس عليهن همومهن.. المختصون في القانون يكشفون للشروق، عن تزايد رهيب لقضايا الشجارات والطلاق في الأسرة الجزائرية مؤخرا بسبب شبكات التواصل الاجتماعي أهمها الفايسبوك، وهي تمثل حسبهم، 40 بالمائة من جملة باقي القضايا. وتعكس المحاكم هذا الواقع، حيث كشف بعض المحامين عن قصص واقعية لأزواج كان الفايسبوك و الهاتف النقال سبب تخريب عش الزوجية، حيث أكدت المحامية سعاد مهدية مقراني، أن نساء ماكثات في البيت جعلن من شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة شرعية للانتقام من أزواجهن، وهن معنفات أو حبسن في المنزل وتعرضن لإهمال من طرف الزوج. وقالت إن محكمة روبية عالجت قضايا ضرب وجرح ضد الزوجة وحالات طلاق تعسفي، كانت الصداقة مع الرجال عبر شبكات التواصل الاجتماعي من طرف الضحية، وراء إثارة شكوك الزوج، أو غضبه باكتشاف أسرار عائلية على صفحة الفايسبوك أو التويتر الخاصة بشريكة حياته.
زواج 12 سنة ينهيه الفايسبوك وأعطت مثال لسيدة متزوجة منذ 12 وأم ل 3 أطفال، كانت تعاني إهمال زوجها التاجر لها، وانشغاله بنشاطه التجاري، فراحت تبحر في العالم الافتراضي بحثا عن أصدقاء من الجنسين، تفرغ لهم همومها وحالة الملل التي تعيشها، فاكتشف زوجها أن لديها أكثر من صديق بعد أن باغت هاتفها النقال وتفحصه في لحظة انشغالها بالمطبخ، ووجد رسالة نصية كتبت لأحد هؤلاء الأصدقاء من الرجال، تشكي فقدان عاطفة شريك حياتها إلى جانب كلمات أخرى خادشة للحياء، فكانت نهاية ذلك الطلاق.
صداقة افتراضية لمعلمة توقعها في الحب.. وتكتشف أنه زوجها! وفي الموضوع، قال المحامي، عمار حمديني، إن صداقات المتزوجات مع الرجال في العالم الافتراضي، أدت لتنوع طريف وغريب في قضايا الخيانات الزوجية وأسباب الطلاق، حيث تمثل خلافات الخيانة والصداقة عبر الفايسبوك 40 بالمائة من حالات الطلاق عبر المحاكم، مؤكدا أنه رافع في قضايا بين زوجين يملكان هواتف نقالة وحاسوب محمول أو لوحات الكترونية خصصوها لعلاقات الصداقة أو علاقات مشبوهة، وهي حيلة لعدم اكتشاف أحد الطرفين أسرار الآخر المرتبطة بشبكات التواصل الاجتماعي، وكشف عن قضية عالجتها محكمة سطيف، تتعلق بمعلمة طلقها زوجها بعد عشرة دامت 15سنة، وهو موظف في الإدارة العمومية. وكانت هذه المعلمة تملك هاتفا نقالا سريا خصصته لعلاقات صداقة مع الجنس الآخر، فيما كان يملك زوجها هاتف لنفس الغرض، ولأنها وسعت قائمة الأصدقاء من الرجال عبر الفايسبوك وقعت في علاقة خاصة مع رجل مجهول وتطور تواصلهما عبر الفضاء الأزرق لعلاقة غرامية دامت 6 أشهر كاملة كان قد أعطى لها رقم هاتفه، وكم كانت الصدمة كبيرة عندما اكتشفت المعلمة أن ذلك الشخص الذي منحها معلومات وهمية ما هو إلا زوجها الذي كان هو أيضا يعتقد أنه على علاقة مع امرأة غير زوجته!
صداقات الفايسبوك تتسبب في طلاقها قبل الدخول وحكى لنا المحامي سليمان لعلالي، قصة لأستاذة في قطاع التعليم، ضغط عليها خطيبها وذلك بعد أن وثق عقد زواجهما في البلدية، أن تعطيه الرقم السري لحسابها على الفايسبوك، وكانت تعتقد أن علاقة الصداقة التي تربطها ببعض الرجال وزملائها في العمل لن تؤثر عليه، لكنه بمجرد أن وجد لها قائمة لهؤلاء في حسابها وأنها تتبادل معهم الأفكار والنقاشات طلقها قبل الدخول بها.
الدكتور بن حليمة: الفراغ العاطفي والعنف وراء صداقة المتزوجات عبر الفايسبوك عالم خيالي يرى الدكتور مسعود بن حليمة، المختص في علم النفس العيادي أن ربط السيدات المتزوجات علاقات صداقة مع الجنس الآخر عبر شبكات التواصل الاجتماعي سببه الفراغ العاطفي والروحي للكثير من النساء الجزائريات والعنف المعنوي الذي يعانيه هؤلاء من طرف الأزواج، وقال إن أكثر الواقعات في مغالطات الصداقة الافتراضية هن الماكثات في البيت، حيث تغوص في عمقها لملء الفراغ النفسي والاجتماعي بالترويح عن النفس مع الجنس الآخر، وتبدأ الخطورة عندما تجد قدرات وميزات في الصديق الافتراضي لا تتوفر في زوجها، ويكون هذا الصديق حسب الدكتور بن حليمة أكثر جاذبية، فتجد معه الراحة النفسية والاطمئنان، فتبتعد عن زوجها وأولادها لتعيش في الخيال، وإن اختلف الأمر بالنسبة للمتزوجات الموظفات لكن هؤلاء هن أيضا تؤثر عليهن الصداقة الافتراضية سلبا، فرغم سعيهن للترقية في الوظيفة أو للاستفادة من المعلومات أو مصالح خاصة، لكن الجانب الشكلي للصديق عبر شبكات التواصل الاجتماعي يجذب المتزوجة عن شريك حياتها، ويؤكد بن حليمة أن أغلب المتزوجات اللواتي تربطهن صداقة عبر الفيسبوك مع الجنس الآخر يعشن في عالم خيالي يؤدي بهن لحالة اكتئاب ونفور غير مقصود من الأولاد والزوج، لأن عالمها الافتراضي مملوء بالتجميل والوهم فتصبن بشيء من الغرور.
الدكتورة حسينة: صداقات الفايسبوك.. حرية وهمية للزوجة تجرفها للانحراف وللدكتورة حسينة عليان، أستاذة المعلوماتية في جامعة الجزائر، رأي في صداقة المتزوجات مع الرجال عبر الفضاء الأزرق، حيث تؤكد أن سلبياتها كثيرة رغم أنها تروح وتنفس عن المرأة المقهورة في حياتها الزوجية، حيث تقول إن الفايسبوك والتويتر وغيرها من شبكات التواصل عبر الأنترنت، تجعل الإنسان يعيش في اللامحدود وخارج الخوف الاجتماعي، فيترك النوازع الأخلاقية والقيم الاجتماعية وهذا ما يقع للمرأة المتزوجة التي تربط علاقات عبر هذه الشبكات، فهي حسبها تعيش حرية وهمية تساهم في نوع من الانحراف.
الدكتور بلغيث: صداقة المرأة المتزوجة للرجال مرفوضة شرعا استهجن الدكتور محمد الأمين بلغيث، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الجزائر والمختص في الشؤون الدينية، فكرة ربط المرأة المتزوجة علاقة صداقة مع الرجل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بحجة أنها علاقة افتراضية خالية من النوايا السيئة والخيانة للزوج، وقال إن مجتمعنا الإسلامي له مميزاته وقيمه وثوابته التي تختلف تماما حسبه، المجتمعات الغربية التي تروج لهذه الفكرة، وقال العلاقة الوحيدة التي تربط المرأة المتزوجة بالرجل هي علاقة الزوج الشرعي، ولا يسمح لها الدين بعلاقات أخرى مع الجنس الآخر حتى ولو كانت صداقة وعن طريق شبكات التواصل الاجتماعي لأن ذلك مرفوض أصلا في الشريعة الإسلامية. ويرى أن أي صداقة بين الجنسين تبدأ بهذا الشكل لتتحول إلى علاقة أخرى مشبوهة، وبالتالي تصبح، يضيف، الوقاية مطلوبة، وأن للزوج الحق في منع امرأته من ربط علاقات مع الطرف الآخر حتى لو كانت موظفة وتبحث عن مصلحة دون نية خيانة زوجها. وعن مجاهرة الزوجات بأسرار علاقاتهن مع أزواجهن، أكد الدكتور محمد الأمين بغيث، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك بالقول إن "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
