تلوح غالبية الدول العربية هذه الأيام بمقاطعة النشاطات المتعلقة بإتمام تشكيل ما يسمى بالاتحاد من أجل المتوسط، ومن ذلك تتداول أخبار حول مقاطعة القمة القادمة المقرر انعقادها بمدينة برشلونة الإسبانية، ولكن يبدو أن كل ما هنالك هو عدم حضور الرؤساء والملوك العرب الذين سيوفدون ممثلين عنهم، وهذا ما يمكن أن نعتبره نصف امتناع عن الحضور والذي يمكن اعتباره نصف اعتراف عربي رسمي بإسرائيل. فإسرائيل أعربت عن عزمها على حضور هذه القمة بأعلى تمثيل عبر حضور أكبر السفاحين في الحكومة الإسرائيلية رئيس الوزارء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية أفيدغور ليبرمان الذي يرتعد له المسؤولون العرب ولا يستطيعون مشاهدته حتى في الصور، لأنه المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي يرفض الحكام العرب، ولا يريد أن يرتبط معهم بعقود شراء الذمم، كتلك المتعلقة بحماية الكراسي وضمان البقاء في السلطة مقابل الاعتراف بإسرائيل بدون قيد أو شرط، والسكوت عن المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني أو مباركتها بشكل من الأشكال مثلما وقع أيام الحرب على غزة وما رافقها من المواقف والتصرفات المصرية، وهذا يعني أن العرب مهما كانت درجة مسؤولياتهم ومواقعهم في الحكم، سيقابلون المسؤولين الإسرائيليين، وإسرائيل ستعتبر ذلك اعترافا عربيا بها والقادة العب يعتبرونه كذلك، دون التصريح به علانية، أي أنهم يريدون أكل الشوك بألسنة ممثليهم، أما فرنسا صاحبة مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط، فلها الحق عندما تتخوف من الفشل الذي قد يلحق بهذه المبادرة نتيجة عدم حضور القادة العرب وحضور القادة الإسرائيليين ليس لأن ذلك يحرم إسرائيل من الإعتراف العربي الكامل، ولكن لأن ذلك قد يفسد عليها تحقيق هدفها الحقيقي والأساسي من هذا الاتحاد وهو بالإضافة اجتماع العرب والإسرائيليين حول طاولة واحدة، إبعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبي وطمس مطلبها الملح في الانضمام إلى أوروبا، لأن فرنسا كما أعرب عن ذلك الرئيس ساركوزي ذاته لا تريد أن تكون لها حدود مع سوريا أي مع العالم العربي، وهو ما يحدث لو انضمت تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. هذا يعني أن المطلوب من العرب الذين قبلوا أن يكونوا في محشر فرنسي إسرائيلي وسدا لحماية أوروبا من الهجرة السرية مع ما يحمله ذلك من إهانات واحتقار وعنصرية، المطلوب منهم أن لا يكون سدا لمنع تركيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ويجعلوها مثلهم في ذيل قطار البشرية.