كشف التعديل الحكومي الأخير عن "تقشف" في عدد الوزارات التي سترافق الوزير الأول عبد المجيد تبون، في تسييره للحكومة القادمة، وأكثر ما شد الانتباه في التشكيلة الجديدة أنها شهدت اختفاء كليا لكتابات الدولة، والوزارات المنتدبة التي قيل عنها الكثير وأحدثت خلافات بين الوزارات بسبب تداخل المهام كوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والاقتصاد الرقمي، ووزارة الشؤون الخارجية التي كانت برأسين. تقلص الطاقم الحكومي الجديد ليضم 29 وزيرا باحتساب الوزير الأول عبد المجيد تبون، وكشف التعديل الأخير إلغاء عدد من وزارتها، في مقدمتها منصب وزير الدولة الذي حمله رمطان لعمامرة، قبل أن يسقط في التعديل الأخير، عبر القضاء على قطبية المناصب، بمنح حقيبة وزير الشؤون الخارجية لعبد القادر مساهل، خلفا لرمطان لعمامرة، الذي أثار استبعاده الكثير من التساؤلات خاصة بعد النجاحات المحققة في تسيره للملفات الإقليمية، مالي، ليبيا والصحراء الغربية. كما سقطت الوزارات المنتدبة من أجندة التغير الحكومي، حين تم إلحاق الوزارات المنتدبة بقطاعات أخرى على غرار الوزارة المنتدبة المكلفة بالصناعات التقليدية التي تم ضمها مع وزارة السياحة لتكون مستقلة بذاتها، وإلحاق الوزارة المنتدبة لدى وزارة المالية المكلفة بالاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المالية، إلى مهام وزيرة البريد وتكنولوجيات الاتصال والإعلام إيمان هدى فرعون. ولطالما وقع هذان الوزيران في "فخ" تداخل المهام والصلاحيات، وقيل وقتها إن إيمان هدى فرعون اشتكت من ذلك في مرات عديدة، وهو ما جعل "الوزير الشاب" معتصم بوضياف يتحاشى الظهور الإعلامي فلم يسجل في رصيده أي تصريح بارز. كما تم تسجيل عودة وزارة تهيئة البيئة كوزارة مستقلة وأسند إليها مهمة التكفل بملف الطاقات المتجددة، وكانت آخر وزيرة تقلدت هذا المنصب دليلة بوجمعة، قبل أن تتحول الوزارة في تعديل حكومي آخر إلى ملحقة تابعة لوزارة الموارد المائية، في حين اسندت مهمة تسيير تهيئة الإقليم لوزير الداخلية نور الدين بدوي. ولعل الملاحظ من الفريق الحكومي الجديد "اندثار" كتابات الدولة من التعديلات الحكومية التي بات يقرها الرئيس في السنوات الأخيرة، بعدما كانت تسيل لعاب الكثير المسؤولين السابقين في الدولة، كما كانت تنظر إليها الأحزاب السياسية ك"غنيمة" تمني بها نفسها لرفع حقائبها في الحكومة. ويرى متابعون للشأن السياسي أن هذه التغييرات التي تَستحدث وزارات وتتخلى عن أخرى في كل مرة، تعكس غياب تصور واضح لدى السلطة أو نظرة استشرافية لخريطة طريق الجهاز التنفيذي، في وقت يرجع البعض الآخر ذلك إلى مخطط "التقشف" الحكومي، بحكم أن هذه الوزارات تستنزف الملايير في عملية الفصل بين الوزارتين، خصوصا من الناحية الإدارية.