تدمّر عمليات الختان غير الصحيحة حياة العديد من الأطفال بسبب الأخطاء الكارثية التي يرتكبها أشباه أطباء سواء في القطاع الخاص أم القطاع العمومي، تضطر إلى إجراء عمليات جراحية تصحيحية لاستدراك الأمر، في حين يستحيل ذلك بالنسبة إلى البعض. كشف عدد من الجراحين الذين تحدثنا إليهم عن مخاطر عمليات الختان ومضاعفاتها وعن استقبال المستشفيات كثيرا من الحالات الاستعجالية لعمليات ختان لم تنجز على أكمل وجه من قبل أطباء غير مؤهلين وغير أكفاء. وعادة ما يكون النزيف الدموي الحاد أوّل الدلائل، حيث يضطر الفريق العامل في المستشفى إلى التكفل بالحالة رغم أن في غالبها تكون قد أجريت لدى القطاع الخاص في وحدات عمومية أخرى، حسب ما أكّدته لنا الجراحة ريم دوالي التي أضافت أنّ الأمر يتطلب القيام بعمليات جراحية تصحيحية تتعلق بالأساس بقطع "glone" أو ما يعرف برأس الذكر وأحيانا أخطاء على مستوى "المبول" بشمل يجعل الطفل لا يتحكم في البول المتسرب، بالإضافة إلى أخطاء تتعلق بالمواليد الجدد الذين يعاد ختانهم بعد أشهر بسبب عدم القيام بالعملية في المرة الأولى بشكل كامل، حيث تترك "اللحمة" المراد التخلص منها بحجم أكبر من المطلوب. وبدوره البروفيسور خياطي، أكد أخطاء ثلاثة أساسية تقع في عملية الختان هي قطع رأس الذكر أو جرح المبول أو عدم خياطة شريان بما يتسبب في النزيف الحاد. وعادة ما تبرز هذه الأخطاء بعد اليوم الثالث من الختان لذا يتعيّن الانتباه لكل هذه التفاصيل من قبل الأولياء قبل فوات الأوان لأن كثيرا منها غير قابلة للاستدراك أو التصحيح.
جراحون: أيها الأولياء احذروا التعفن والالتهاب وقلة النظافة دوالي ريم، جرّاحة أطفال وجدناها في قاعة الجراحة بصدد ختان أحد الأطفال، وبعد الانتهاء، أدلت لنا بتصريح يخص أهم النصائح التي يتعين على الأهل اتباعها لتجنب الوقوع في مضاعفات لا تحمد عقباها، لا سيما التعفن والالتهاب وقلّة النظافة، حيث إنّ أغلب الأولياء يتغافلون عنها بحجة رفض الطفل وعدم تحمّل بكائه، وهو ما حذّرت منه المختصة. كما دعت المتحدثة إلى الاكتفاء بوصفات الطبيب إن وجدت وتجنب الطرق التقليدية كصب زيت الزيتون وغيرها من الأمور التي جرت عليها العادة، وذكرت أن أحسن سن للختان هي بعد مشي الطفل وليس في الأيام أو الأشهر الأولى التي تعرف كثيرا من النقائص بالنسبة للعمليات.
تعليمة وزارة الصحة تخفف الضغط في ليلة القدر وتنظم الختان على غير العادة لم تعج مصالح جراحة الأطفال في ليلة القدر بالمواطنين الراغبين في ختان أبنائهم واقتصر الأمر على قلّة تفضل التبرك بهذه الليلة. "الشروق" زارت مستشفى مصطفى باشا الجامعي ووقفت على هذه الحقيقة التي أثبتت تغير ذهنيات الجزائريين وقيامهم بالعملية على مدار الشهر الفضيل، لا سيما بعد التعليمة التي دعت فيها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات العائلات الجزائرية إلى ختان أبنائها خلال كافة أيام شهر رمضان الكريم بدلا من الاقتصار على يومي النصف أو ال27 من ذات الشهر وذلك بغية تقليص الضغط على المؤسّسات الاستشفائية.
خياطي: لا بد من تكوين للأطباء وتوسيع دائرة المسموح لهم بالختان دعا البروفيسور، خياطي، رئيس هيئة ترقية البحث العلمي والصحة "فورام" إلى ضرورة توسيع دائرة الأطباء المسموح لهم بعملية الختان، شريطة إرفاق الأمر بدورة تكوينية بسيطة لتجنب الضغط الكبير الذي يقع فيه الجراحون لا سيما أن هامش الخطأ كبير في مثل هذه الحالات وكذا ضبطها بكل المقاييس القانونية والأخلاقية لمعاقبة المتسببين في تلك الأخطاء. ودلل المختص حديثه بانعدام الجراحين في المناطق القريبة من العاصمة فما بالنا بالمناطق الداخلية أو مدن الجنوب، حيث إن أكثر من 500 ألف طفل جزائري معنيون سنويا بالختان على اعتبار أن أكثر مواليد الجزائر الذين يناهزون المليون ولادة هم من الذكور. ودعا خياطي إلى إلغاء استعمال المقص الكهربائي في الختان وهو ما كان السبب في كارثة أطفال الخروب بقسنطينة، والتركيز على عمليات التوعية والتحسيس لعدم اقتصار الختان على المناسبات وليلة النصفية أو القدر من رمضان لأن الأمر سيحدث ضغطا ترتفع معه هوامش الخطأ وبالتالي كوارث للأطفال.