يتجاوز حجم الأموال المتداولة في السوق السوداء، أو ما يعرف لدى الجزائريين بأموال "الشكارة" ال 50 مليار دولار حسب المعهد الفرنسي للتوقعات، في وقت قدرها الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال سنة 2015، عشية إطلاق إجراءات التصريح الجبائي الطوعي ب37 مليار دولار، وبالمقابل يتحدث خبراء وأخصائيون ورجال أعمال اليوم عن فشل كافة الإجراءات التي تبنتها الحكومة قبل سنتين لاسترجاع هذه الأموال، كبديل لمليارات الدولارات الضائعة بعد انهيار أسعار النفط. ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أنه لحد الساعة لا توجد إحصائيات دقيقة عن حجم الأموال المتواجدة خارج القنوات الرسمية، أي البنوك والبريد، وتتضارب المعطيات المقدمة من طرف الحكومة، بين الرقم الذي قدمه الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال سنة 2015، حينما قدرها ب37 مليار دولار، والمعهد الفرنسي للتوقعات الذي تحدث عن 50 مليار دولار، وفقا لدراسة أجريت قبل بضعة سنوات، مع العلم أن أموال السوق الموازية تشمل أموال السلاح والمخدرات أيضا، في حين تتناقض حتى الأرقام المقدمة من طرف بنك الجزائر مع الأرقام التي سبق وأن قدمها رؤساء الحكومة المتعاقبين. ويشدد مبتول في تصريح ل"الشروق" على أن الحكومة تبنت خلال السنوات الماضية جملة من القرارات لاسترجاع هذه السيولة، منها إلزامية الصك، التي كان أويحيى أول من سنها بالنسبة للتعاملات التي تزيد عن 50 مليون سنتيم، إلا أنه في كل مرة يتم التراجع عنها خوفا من الضغوط الممارسة من طرف المتحكمين في السوق السوداء، على غرار ما حدث سنة 2011، عندما تم العدول عن القرار و"تجميده مؤقتا" آنذاك بسبب أحداث الزيت والسكر، وبالرغم من إعادة سنه سنة 2015، بالنسبة للتعاملات التي تزيد عن 100 مليون سنتيم للسيارات و400 مليون سنتيم للعقار، بداية من شهر جويلية، إلا أنه بقي مجرد حبر على ورق. ووفقا لذات الخبير، فإن سبب فشل هذه الإجراءات هو غياب الثقة في البنوك لدى المواطنين، الذين يفضلون في خضم الأزمة الاقتصادية وحتى قبلها تخزين أموالهم على شكل عقارات أو ذهب أو عملة صعبة من أورو ودولار وجنيه إسترليني بدل البنوك والتعاملات الرسمية عبر الصك، وهو ما تسبب في فشل كافة الإجراءات بداية من إلزامية الصك شهر جويلية 2015، مرورا بالتصريح الجبائي الطوعي مقابل 7 بالمائة من حجم الضرائب المتهرب من دفعها، وصولا إلى القرض السندي للنمو الاقتصادي. من جهة أخرى يرى رئيس الكنفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل، بوعلام مراكش أن استعادة أموال السوق الموازية يتطلب مخطط عمل دقيق بمراحل، وليس مجرد كلام وإجراءات ترقيعية، مشددا على أن الملف سيطرح خلال لقاء الحكومة برجال الأعمال وشركائها الاجتماعيين نهاية شهر سبتمبر المقبل، كما سيطرح في الثلاثية التي ستعقد قبل نهاية سنة 2017. وشدد مراكش على أن آلاف المليارات لا تزال متداولة في السوق السوداء، وهو ما يمكن التماسه بسهولة بمجرد النزول لسوق المواشي والتعاطي مع الموالين، بحكم اقتراب عيد الأضحى ورواج تجارة الأغنام بشكل واسع هذه الأيام، مشيرا إلى أن القضاء على السوق السوداء يتطلب برنامج عمل محكم ومحدد، خاصة وأن هذا الأخير تغول في الجزائر ليستحوذ على أزيد من 50 بالمائة من السيولة المتداولة في الأسواق، في حين وصف ظاهرة السوق الموازية ب"العادية" حيث تعرفها حتى الدول المتطورة، إلا أن نسبتها هناك حسب مراكش لا تتجاوز 15 بالمائة، وهو ما يجعلها في الجزائر ذات تأثير سلبي وخطير على الاقتصاد الوطني.