بلغ إنتاج النفط السعودي مستوىً قياسياً في جويلية) ومن المرجح أن يبلغ مستوىً قياسياً آخر في أوت وفق مصادر من القطاع. ويفهم بعض المحللين الزيادات، على أنها استعراض لقدرة المملكة على زيادة الإنتاج، قبل اجتماع غير رسمي لوزراء النفط في الجزائر، الشهر القادم. فكرة قديمة ووفق هذا الرأي فإن السعودية تعزز إنتاجها في رسالة تحذير إلى المنافسين، أنه إذا فشل الاتفاق على تثبيت الإنتاج، فإنها قادرة على زيادة إنتاجها، والتسبب في مزيد من الألم لكل مصدري النفط. ولعلها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السعودية إلى سلاح حجم الإنتاج للدفع صوب اتفاق ومعاقبة عدم الامتثال. ولكن نظرة أقرب على إحصاءات إنتاج المملكة واستهلاكها، وصادراتها، في الفترة الأخيرة ترسم صورة أكثر دقة. ففي هذه المرة على الأقل، لا يوجد ما يدل على أن السعودية ترفع الإنتاج لتكثيف الضغط على منافسيها للتوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج. طلب موسمي عادةً يزيد إنتاج النفط السعودي صيفاً لتلبية الاستهلاك المباشر الإضافي للخام في محطات الكهرباء في المملكة. وفي السنوات العشر الأخيرة كان إنتاج النفط السعودي يزيد نحو 400 ألف برميل يومياً في المتوسط في يونيو (حزيران) عنه في يناير (كانون الثاني). في غضون ذلك زادت السعودية طاقة توليد الكهرباء بالغاز، وأخذت إجراءات أخرى لتقليص الحرق المباشر للخام في منظومة الكهرباء. وفي وقت سابق هذا الشهر، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إن إنتاج النفط زاد لأسباب منها "تلبية الزيادة في الطلب الموسمي خلال فصل الصيف". وأوضح "يشهد الطلب المحلي عادةً زيادة خلال فصل الصيف، بسبب ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء لأغراض التكييف." ولكنه أشار أيضاً إلى أن "الزيادة المسجلة هذا الصيف، تقل كثيراً عن الزيادات المسجلة في فصول الصيف السابقة" بسبب إجراءات رفع الكفاءة". انخفاض مخزون وتُظهر البيانات الرسمية أن الحرق المباشر للخام تجاوز بقليل 700 ألف برميل يومياً في يونيو (حزيران) انخفاضاً من 894 ألف برميل يومياً في يونيو (حزيران) 2015 و827 ألف برميل يومياً في يونيو (حزيران) 2014..
زاد إنتاج النفط السعودي أيضاً لتلبية "الطلب المرتفع من عملائنا" وفق الوزير الذي قال "لايزال إنتاجنا من النفط الخام يشهد طلباً قوياً في معظم أنحاء العالم." وبلغت صادرات الخام السعودية 7.456 مليون برميل يومياً في يونيو (حزيران) منخفضةً نحو 380 ألف برميل يومياً، مقارنةً مع يناير(كانون الثاني)، ولكنها مرتفعة 91 ألف برميل يومياً عنها قبل عام. وكانت زيادة الإنتاج في يوليو (تموز) ضرورية، لأن استهلاك الخام ومبيعات التصدير تجاوزا الإنتاج. وتراجعت مخزونات النفط الخام على الأراضي السعودية في كل شهر بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 ومايو (أيار) 2016 بما مجموعه أكثر من 40 مليون برميل. مقابلة مع الوزير ويُرجح أن مخزونات النفط نقلت من مجمعات صهاريج داخل المملكة، إلى منشآت تخزين في الولاياتالمتحدة، والكاريبي، وسنغافورة، والصين وكوريا، واليابان فتكون أقرب إلى العملاء. ومن المحتمل أيضاُ أن تكون مخزونات المملكة تراجعت فعلياً. وربما ألمح وزير الطاقة إلى ذلك في المقابلة التي أجرتها معه وكالة الأنباء السعودية ونشرت في 11 أغسطس (آب). وسُئل الوزير يومها: "تجاوز المعروض حجم الإنتاج خلال الشهر الماضي حيث بلغ 10.75 مليون برميل في اليوم، فهل يعني هذا أنكم احتجتم إلى السحب من المخزون؟". وأجاب الوزير: "بالفعل سحبنا كميةً بسيطةً من المخزون خلال الشهر الماضي، وهو أمر متوقع خلال هذه الفترة" وأضاف "لكن في ظل المحاولات الحثيثة لإعادة التوازن بين العرض والطلب، نتوقع استمرار زيادة السحب من المخزون في جميع أنحاء العالم." مزيد من الانفتاح تبدو مقابلة الفالح مع وكالة الأنباء السعودية، محاولة لتسليط مزيد من الضوء على بيانات النفط السعودية للسوق عموماً. وللأسف شابها سوء التنفيذ حيث تسربت نسخة من التصريحات قبل النشر، ولعل الحوار اتسم بقدر زائد من التبحر فجاء مبهماً وليس كاشفاً للرسالة التي أراد الوزير توجيهها. ولكن المقابلة تبدو جهداً جاداً على طريق المزيد من الانفتاح، ومحاولةً حقيقيةً لتحسين فهم سياسة الإنتاج السعودية. توازن السوق وركز معظم المعلقين على تصريحات الوزير، وعن الاستعداد لاتخاذ "أي إجراء لاستعادة التوازن في السوق" جنباً إلى جنب مع المنتجين من داخل أوبك وخارجها. ومرد ذلك قوله إن اجتماع الجزائر سيتيح منتدى لمناقشة وضع السوق بما في ذلك "الإجراءات الممكنة، والتي ربما يلزم تنفيذها لتحقيق الاستقرار في السوق". ولكنه ختم مقابلته بالقول إن "إعادة التوازن إلى السوق بدأت بالفعل، ولكن تصريف، واستخدام مخزونات النفط الخام والمنتجات، سيستغرقان وقتاً أطول. ولكننا نسير في الاتجاه الصحيح."