أنهى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الجدل الأمني والسياسي الذي أثير حول دور عسكري مفترض للجيش الوطني الشعبي في الأزمتين التونسية والليبية، بفعل التصعيد اللافت للنشاط الإرهابي واحتدام المعارك بين المليشيات والفصائل المسلحة في البلدين. وجزم رئيس الدولة في أول تفاعل له حول مطالب من أطراف سياسية لتلك الدول وتلميحات لبلدان غربية تدعو لتدخل عسكري لحسم النزاعات في دول الجوار أن " عقيدة الجزائر ثابتة وراسخة ولن تجنح لأي تدخل في شؤون أحد.. لأن استقرار دول الجوار من استقرار الجزائر ..". وشدد رئيس الجمهورية في رسالة وجهها بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد، عنونها "فذكر إن نفعت الذكرى " وقرأها نيابة عنه المستشار لدى رئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، بأن الجزائر ما تزال تعمل بكل "ما بوسعها للمساهمة في استتباب الأمن ووقف الهيمنة وإراقة الدماء وتفكيك الأنظمة لأن في استقرار الجوار والتنمية والرفاه استقرار لبلادنا وأمن لها" .وهو موقف يؤكد أن الجزائر حسمت مشاركتها في أي مبادرة دولية أو اقليمية بشأن التعاطي مع الأوضاع الملتهبة في ليبيا بتفضيل الحل السياسي والعمل على تكريسه واستبعاد أي فرضية لعمل عسكري تحت أي ظرف أو طارئ. وأعاد الرئيس بوتفليقة الى الأذهان تفاصيل تعامل حكوماته المتعاقبة مع الهزات الأمنية للبلاد بعد أن هددتها آفة الإرهاب وعاثت في الأرواح والممتلكات إزهاقا وفسادا"، مذكرا بوقوف الجزائر بفضل إرادة شعبها وتصميمه على السلم والطمأنينة للبلاد وسعيها لإعادة بناء مؤسسات دستورية وإنجازات اقتصادية واجتماعية"، وهي رسالة مشفرة الى حكومات وشعوب بلدان الجوار للاقتداء بتجارب الحوار والمصالحة للوصول إلى حل سياسي للأزمات الأمنية مهما بلغت درجة الانفلات. وبعد أن ذكر بأسلوب "الحوار وحسن الجوار" الذي انتهجته الجزائر مع الجميع دون تدخل في شؤون أحد، عبر الرئيس بوتفليقة عن يقينه بأن "الاستقرار الذي تتمتع به بلادنا اليوم، ضمن غليان إقليمي وجيواستراتيجي ذهب وللأسف بريح كثير من الدول أو يكاد يرجع في كثير من أسبابه إلى عدم التمسك بالقيم المؤسسة في الوحدة والسيادة والأمن، وإلى سوء تقدير لما يمكن أن يوضع من مطبات من قبل أولئك الذين يثيرون القلاقل لتفتيت الكيانات والهيمنة عليها". وأشار إلى أن دين الإسلام الذي "أرادت له بعض المخابر والذين في قلوبهم مرض أن يجعلوا منه دين عنف وفرقة وتعصب، إنما هو الإسمنت المسلح لبناء المجتمعات لكونه دين الوحدة والمحبة والعمل والتعايش". كما أن "التمسك بالوطنية والمواطنة رهان لا تنفصم عراه أمام العواصف المفتعلة لتدمير ما بنته الشعوب بالتضحية والمعاناة، وأن لا حرية ولا كرامة ولا مساواة دون وطن حر موحد سيد تتلاشى دونه جميع المؤامرات والدسائس"، حسبما أكدته الرسالة. . وعاد رئيس الجمهورية للحديث عن ذكرى يوم المجاهد المزدوجة وبداياتها بالحديث عن هذه المرحلة من تاريخ ثورة نوفمبر المظفرة وعن الشهيد زيغود يوسف حين أوعز لرفاق دربه بخوض معركة "نوعية تتوسع بها رقعة العمليات والمواجهات التي كانت منحصرة في الجبال، إلى المدن لفك الحصار الإعلامي عن الثورة وقطع دابر المترددين وتعزيز صفوفها بالرجال والنساء الملتفين حولها. وأكد أنه كان للعمليات الواسعة التي قام بها الشهيد زيغود يوسف في الشمال القسنطيني "أثرها العميق في الداخل والخارج، حيث فكت القبضة الحديدية الاستعمارية على كل من الاوراس والقبائل وبدت بوادر البحث عن الحلول السياسية بين الحكومة الفرنسية والمملكة المغربية، فانفك الحصار على العاهل المغربي وأسرته في مدغشقر ويبقى 20 أوت عربونا للأخوة والتضامن بين الشعبين المغربي والجزائري". وسجل رئيس الجمهورية أن "هذه أيام مشتركة تحدث عن وحدة المصير في السراء والضراء وتجعلنا نغض الطرف عن ركام الأيام العادية التي تحاول أن تنسينا إياها أو تجعلنا نخلط بين الأشياء الثابتة والمتغيرات".