أعلن غالبية رؤساء البلديات الفرنسية التي أصدرت قرارها بمنع ارتداء البوركيني في شواطئها على مواصلة العمل بقرارهم رغم ما صدر من فتوى قانونية عن مجلس الدولة الفرنسي، وهي أعلى هيئة تحكيم في القضايا القانونية لدى الفرنسيين، واستمد هؤلاء تمسكهم بقرارهم من الخطاب العنيف الذي ألقاه يوم الجمعة الرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي" في إقليم "بوش دي رون" منطقة "بروفنس ألب كوت دازور" حسبما جاء في موقع إذاعة "أورب 1" التي أشارت إلى أن ساركوزي كان يتحدث بصفته مرشح الانتخابات الأولية لليمين الفرنسي، حيث ساند قرار رؤساء البلديات من كافة الاتجاهات السياسية، وهو ما شجعهم على التمسك بمواقفهم تجاه البوريكيني الذي قال إنه لباس مستفز، موضحا "أرفض البوريكني في الشواطئ والمسابح الفرنسية، أساند دون تحفظ رؤساء البلديات من اليمين، كما اليسار في قرار المنع". ويعكس خطاب ساركوزي المتطرف أمام أنصاره رغبة اليمين الفرنسي في فتح ملفات الإسلام الفرنسي وطرق تعاطي الدولة الفرنسية معه بغرض كسب تأييد نسبة واسعة من الناخبين على ضوء تنامي حظوظ اليمين المتطرف وسقوط خصومه على وقع الضربات التي هزت فرنسا خلال السنتين الماضيتين، لتأتي قضية البوركيني كمطية لفتح ملفات الإسلام االفرنسي وفق النظرة المتطرفة التي يتبناها نيكولا ساركوزي، ويتلاقى فيها مع عدة مترشحين في الغرب وأمريكا، أين يعتبرون أن خروج آل بوش من البيت الأبيض وسقوط توني بلير وخروج نيكولا ساركوزي أدى إلى سقوط معسكر الصقور في الغرب، مما سمح بظهور تنظيم داعش الذي أثار الرعب وسط الخريطة الأوربية وضربها في عقر دارها من هجمات باريس إلى ليون مرورا ببروكسل وألمانيا وغيرها من الدول والبلدان في شتى بقاع العالم، حيث اهتزت صورة الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب بصفة عامة أمام تنامي قوة داعش في أغرب وفي الشرق الأوسط، خصوصا في سوريا والعراق وسيناء المصرية ثم ليبيا بعد ذلك، ويسعى نيكولا ساركوزي إلى الاستثمار في هذه المستجدات من أجل القفز على إرادة الناخب الفرنسي، مستغلا الحاجة إلى من يوفر له الأمن ويتمكن من استيعاب الأوضاع الجديدة التي أعقبت ظهور التنظيم وفشل الاشتراكيين بقيادة فرانسوا هولاند في مواجهة الرعب المتحرك الذي قطع أوصال الفرنسيين وقلوبهم خوفا وقلقا في كافة التراب الفرنسي. ورغم أن الحكومات الغربية الأخرى تفادت الخوض في المسائل ذات الصلة بالإسلام والمسلمين باستثناء حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب التي لقيت الإدانة المطلقة من الأمريكيين ومن عواصم غربية وعربية، فإن كندا مثلا تعمل على احتواء الظاهرة الجديدة في المجتمع الغربي، ساعية إلى إدماج فعلي لمسلمين في مؤسساتها ومجتمعها، وهو الأمر نفسه بالنسبة لعدة بلدان أروبية كألمانيا مثلا التي شجعت اللاجئين على الإقامة في أراضيها، لكن يبدو أن المسألة مختلفة تماما في باريس التي ينظر ساستها للإسلام والمسلمين بعين العداء والصدام بدل النقاش والتعايش.