غيب الموت الشهر الماضي الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بعد صراع طويل مع مرض السرطان، ليرحل صاحب كلمات "منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي ...في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي"، لتبقى القضية الفلسطينية يتيمة من شعرائها إثر فقدانها توأمها الثاني بعد محمود درويش. وبكى العالم العربي رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير وأحد أهم وأشهر الشعراء العرب المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة بعد صراع طويل مع المرض الذي أصيب به قبل ثلاث سنوات، ليخسر معركته الأخيرة بعدما بقي حتى أيامه الأخيرة واقفا، مقاوما رافع الرأس... كما كان عليه طوال حياته. وبرحيل سميح القاسم (75 عاما) تفقد القضية الفلسطينية توأمها الثاني الذي طالما وهب شعره وأدبه من أجلها كما فعله رفيقه محمود درويش، حيث كانت كلمات أشعاره كطلقات الرصاص في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ظلت طيلة عقود ترددها الأجيال من بينها "تقدموا ..تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم فكل سماء فوقكم جهنم... وكل أرض تحتكم جهنم". وولد سميح القاسم في 11 ماي 1939 في بلدة الرامة شمال فلسطين، ودرس في الرامة والناصرة واعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من القوات الإسرائيلية لمواقفه الوطنية والقومية وقد قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها. وكان متزوجا وأب لأربعة أولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر. وقد سجن الشاعر الكبير أكثر من مرة، كما وضع رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي، وطرد من عمله مرات عدّة بسبب نشاطه الشعري والسياسي، وقاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها. وترأس القاسم اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، وصدر له أكثر من 60 كتابا في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدرت مجموعة أعماله في سبعة مجلدات، وترجم عدد كبير من قصائده إلى لغات عدة. ومن أشهر دواوين الشاعر سميح القاسم: مواكب الشمس، أغاني الدروب، دمي على كفِّي، دخان البراكين، وسقوط الأقنعة. ويحفظ السجل الأدبي لسميح القاسم الكثير من الإبداعات التي أثرت الساحة العربية بصفة عامة، تغنى بها الكثير في كامل العالم العربي منها قصيدته التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية "منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي ...في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي". وتنوعت أعمال القاسم بين الشعر والنثر والمسرحيات ووصلت لأكثر من سبعين عملا. واشتهر بكتابته هو والشاعر محمود درويش الذي ترك البلاد في السبعينات "كتابات شطري البرتقالة". وصدَرتْ في العالم العربي عدّة كُتب ودراسات نقدية، تناولَت أعماله وسيرته الأدبية وإنجازاته وإضافاته الخاصة والمتميّزة ليحتار النقاد في إطلاق لقب مناسب على هذا الصوت العربي الشامخ، فبعضهم قال إنه "هوميروس الصحراء" وقال البعض الآخر إنه "قيثارة فلسطين" وبينما لقبه آخرون ب"متنبي فلسطين" بينما وصفه البعض الآخر ب"الشاعر القديس" "سيّد الأبجدية"، و"شاعر الشمس". وحظي القاسم بتقدير المثقفين في العالم العربي وخارجه ونال كثيرا من الجوائز من إسبانيا وفرنسا وفلسطين وآخر تكريماته حصوله عام 2006 من القاهرة على جائزة نجيب محفوظ التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. إن الشعراء العظام مثل سميح القاسم لا يموتون، وإنما يأتي الموت ليكشف لنا أنهم برغم تركهم الحياة في محطة معينة أدوا ما عليهم وعاشوا كما أحبوا شعراء كبارا فلحظة موت هؤلاء إنما تأتي لتؤكد خلودهم وتسلط الضوء بشكل أكبر على دورهم الأدبي والإنساني. توأم محمود درويش الشعري عاني من تدهور صحي غير مسبوق نتيجة سرطان كبد أصابه منذ ثلاث سنوات ولم يشف نهائيا منه. تداعى الكتاب والمبدعون واتحاداتهم لنعي الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم الذي وافته المنية الثلاثاء الموافق التاسع عشر من شهر أوت 2014. بعد صراع مع مرض السرطان الذي ألم به منذ سنوات. لقد ترك سميح القاسم إرثا ثقافيا نعتزّ به،. كما وترك سيرة نضالية نفتخر بها .